36عاماً على الانتفاضة الأولى للفلسطينيين. من الحجارة إلى "قذائف الياسين"
كيف تطوّرت القدرات العسكرية لكتائب القسّام من الحجر في انتفاضة الحجارة عام 1987 وصولاً إلى الصواريخ بعيدة المدى وقذائف "الياسين 105" في معركة "طوفان الأقصى" عام 2023؟
الثامن من شهر كانون الأوّل/ديسمبر عام 1987، والسابع من شهر تشرين الأوّل/أكتوبر عام 2023، تاريخان شقّا مساراً جديداً في الصراع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ الأوّل تاريخ انطلاق شرارة انتفاضة الحجارة، والآخر تاريخ ملحمة "طوفان الأقصى".
بالعودة 36 عاماً إلى الوراء، أدى استشهاد 4 فلسطينيين على حاجز بيت حانون "إيرز" الإسرائيلي شماليّ قطاع غزّة، نتيجة دهسهم من قِبل قوات الاحتلال، إلى خروج تظاهرات شعبية مندّدة بالجريمة الإسرائيلية، وكأن قدر غزة هو أن تكون شعلة الانتفاضات وواجهة التصدي للاحتلال.
ما بدأ في قطاع غزّة، توسّع سريعاً لتعمّ الأحداث مناطق الضفة الغربية. وقد جعل الفلسطينيون حينها من الحجر سلاحاً للتصدّي للدبابات الإسرائيلية. وتيمناً بهذا السلاح، عرفت الانتفاضة الأولى بـ"انتفاضة الحجارة".
قبل شهرين من الانطلاقة الفعلية لانتفاضة الحجارة، شهد قطاع غزّة معركة في منطقة الشجاعية في 6/10/1987، نفذتها مجموعة من الشباب الفلسطيني، ضمت الشهداء: أحمد حلس، وزهدي قريقع، وسامي الشيخ خليل، ومحمد الجمل. وخلالها، اشتبكت المجموعة مع قوات الاحتلال بالرصاص الحي.
ظنّت قيادة الاحتلال الإسرائيلي أنّ ما حدث نهاية العام 1987 هو "رد فعل مؤقت"، ولم يدرك الاحتلال أنّ الحجارة والعمليات الأولى على مدار 6 سنوات (لغاية العام 1993) ستخلق أرضية العمل الفلسطيني المسلّح في فلسطين المحتلّة، وخصوصاً ضمن تنظيمات وفصائل نشأت انسجاماً مع الحالة الشعبية المستنكرة للاحتلال وممارساته.
بعد أيام على انتفاضة الحجارة، انطلقت حركة المقاومة الإسلامية – حماس على يد مؤسسها الشيخ أحمد ياسين، وحملت مبدأ مفاده أنّ "مقاومة الاحتلال، بالوسائل والأساليب كافة، حقّ مشروع".
وبالاستناد إلى هذا المبدأ، انشغلت "حماس"، وجناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسّام، بتطوير قدراتها العسكرية، ولاحقاً ترسانتها الصاروخية. وفي كلّ معركة تخوضها ضد الاحتلال، كانت تحمل له مفاجأة تكشف عن جديد في التصنيع المحلي في غزّة، رغم شحّ الإمكانات والحصار، إلى أن وصلت إلى ما تملكه اليوم في معركة "طوفان الأقصى".
كشف صاروخ "قسّام 1" عن بداية انطلاقة التصنيع المحليّ في مرحلة الانتفاضة الثانية، وتحديداً في 26/10/2001. كان بمدى قصير يبلغ 3 كيلومترات، ويأتي اسمه تيمناً بالشهيد الشيخ القسام، ليتبعه نموذجان متطوران منه "قسام 2 و3" خلال هذه الانتفاضة، بمدى يبدأ من 9 كيلومترات ويصل إلى 17 كيلومتراً.
في معركتها "حجارة السجيل" عام 2012، انتقلت كتائب القسّام إلى الصواريخ الأكثر تطوراً، ودخل إلى المعركة صاروخ M75، تيمناً بالشهيد القائد إبراهيم المقادمة، وهو متوسط المدى (70 – 80 كلم).
أمّا في معركة "العصف المأكول" عام 2014، فقد أظهرت كتائب القسّام قدرات تصنيعية جديدة، وأدخلت خلال هذه المعركة على امتداد أكثر من 50 يوماً 3 صواريخ جديدة، هي: J80، نسبة لقائدها الكبير الشهيد أحمد الجعبري، و"سجيل" بمدى 40 – 55 كلم، وصولاً إلى الصاروخ بعيد المدى R160، تيمناً بشهيدها القائد عبد العزيز الرنتيسي.
معركة "سيف القدس" عام 2021 هي المعركة الاستراتيجية التي خاضتها المقاومة الفلسطينية، والتي أدت إلى فرض معادلات جديدة في الساحة، أهمها أنّ غزّة ليست بعيدة عن القدس والمسجد الأقصى، كما الضفة الغربية والأراضي المحتلّة عام 1948.