فشل اسرائيل
30 تشرين ثاني , 2023

من اعلام العدو: إسرائيل تحتاج الآن إلى "عملية دوليتل"

كانت عملية دوليتل، نسبة إلى قائدها جيمس دوليتل، من أهم العمليات التي نفذتها الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، وهي بلا شك العملية التي تشكل نقطة التحول الأمريكية في الحرب، التي كانت من وجهة نظر تكتيكية فاشلة تماما ولا قيمة لها، وكانت من وجهة نظر استراتيجية نجاحا هائلا. لماذا.. ؟ لأن العملية غيّرت الروح المعنوية الأمريكية تماما.

من اعلام العدو
موقع "زمن اسرائيل"
إسرائيل تحتاج الآن إلى "عملية دوليتل"
بقلم: د. ديفيد ورمسر و د. يائير أنسباخر
في 18 نيسان 1942، هاجم سرب من 16 قاذفات القنابل الأمريكية من طراز B-25، مدينة طوكيو، وتم إسقاط قاذفتين، وتمكنت القاذفات التي بقيت من الوصول إلى المنطقة التي تسيطر عليها الصين، وأنقذت قوات صينية مناهضة للإمبريالية، طواقمها. كانت نتائج العملية عبارة عن أضرار هامشية لمدينة طوكيو وأضرار ثانوية للقدرة الصناعية التي كانت العملية تستهدفها في الأصل.
كانت عملية دوليتل، نسبة إلى قائدها جيمس دوليتل، من أهم العمليات التي نفذتها الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، وهي بلا شك العملية التي تشكل نقطة التحول الأمريكية في الحرب، التي كانت من وجهة نظر تكتيكية فاشلة تماما ولا قيمة لها، وكانت من وجهة نظر استراتيجية نجاحا هائلا. لماذا.. ؟ لأن العملية غيّرت الروح المعنوية الأمريكية تماما. 
ما علاقة كل هذا بإسرائيل..؟ لقد واجهت إسرائيل هجوم بيرل هاربر الخاص بها في السابع من تشرين الأول، حيث أعطت الضربة القوية محور العدو الإيراني زخما استراتيجيا كبيرا، وأثبتت للمنطقة برمتها من هو الحصان القوي، كما أنها تضع علامة استفهام كبيرة حول ما إذا كانت إسرائيل قوية بما يكفي لمواصلة البقاء في هذه المنطقة.
ما حدث بعد ذلك يشبه إلى حد كبير فترة الخمسة أشهر بين 7 ديسمبر 1941 و18 أبريل 1942 في الحرب العالمية الثانية، عندما احتشد المجتمع الأمريكي للقيام بما هو ضروري، لكن المبادرة الاستراتيجية ظلت في يد العدو. وكانت الروح المعنوية الأميركية لا تزال في انحدار مطرد بعد أن أفسح الغضب الأولي الطريق أمام الواقع المرير المتمثل في حرب طويلة ومؤلمة، واستمرت الروح المعنوية اليابانية في الارتفاع بشكل مضطرد بينما بدا الأمر وكأن الولايات المتحدة تذبل.
من المُسلّم به الآن أن لدى إسرائيل إلى حد كبير مبادرة تكتيكية، ولكن من دون أي مبادرة استراتيجية. فحماس تتحكم بمصير المختطفين وتنفذ الصفقات كما تشاء من موقع القوة، في حين تسيطر فعليا على الأجندة العملية والدولية. وبينما تسيطر الخارجية الأميركية على الأجندة الدبلوماسية الدولية ويسيطر حزب الله على قوة الاحتكاك على الحدود الشمالية، يختار اليمن متى وكيف يتدخل ويهدد السفن الدولية بإجبارها على الذهاب إلى موقع دفاعي سلبي، كما ان الميليشيات الشيعية العراقية تحدد كما يحلو لها مستوى الأمن الذي سيشعر به الأميركيون والإسرائيليون في سورية والجولان في أي لحظة.
ربما تتمتع إسرائيل حتى الآن بتفوق تكتيكي في مختلف الساحات، لكنها تفتقر بشكل أساسي إلى مبادرة استراتيجية تسمح لها بالسيطرة على كافة الساحات مجتمعة. وبالتالي، فقد تمت هزيمتها فعليا على يد إيران التي لا تزال تسيطر بشكل كامل على كل شيء.
صحيح أن إسرائيل، كأمة وكمجتمع، لا تزال قوية، لكن علامات التعب والضغط وعدم الإيمان بالأهداف النهائية للحرب، وحتى بتعريفات الحرب، بدأت تظهر بالفعل. ومن الناحية اللفظية، يتم ذكر إيران في إسرائيل من حين لآخر على أنها من يدير الحرب ويمسك بكل الخيوط، لكن الحرب العسكرية تُشن محليا ضد حماس، تماماً مثل الصراع المحلي. وهذا جزء من حرب وجودية كاملة ضد إيران.
يتم كسب الحروب من خلال الاستراتيجية، وليس التكتيكات، وقد وصلت إسرائيل إلى النقطة التي يتعين عليها فيها القيام "بعملية دوليتل" إذا أرادت البقاء. فهي لا تحتاج فقط إلى رفع معنوياتها والخروج من ظل السابع من تشرين الأول الكئيب، كما كان على الولايات المتحدة أن تفعل من أجل الخروج من ظل السابع من كانون الأول، بل تحتاج أيضا إلى أخذ زمام المبادرة الكاملة بيديها، ضد إيران نفسها، التي أصبحت الآن مصدر الخطر بشكل لا يصدق منذ أن أصبحت أذرعها في حالة احتكاك كامل مع إسرائيل.
وأمام ساحات أخرى، يتجرأ فيها أعداؤها على رفع رؤوسهم -اليمن، العراق، سورية- يتعين على إسرائيل أن تزأر وتبعث إشارة إلى نفسها وإلى أعدائها وإلى العالم بأن الأمر لا يتعلق بحماس وحدها، ولا بالفلسطينيين وحدهم، بل بالنضال من أجل بقائها ذاته، وبأن هذه هي المهمة التي ستقوم بها.
هذه هي الطريقة الوحيدة التي يرتعد بها رأس الأفعى، أي الحكومة الإيرانية نفسها، من الخوف، وتبدأ في شغل نفسها ليل نهار بالسؤال عما يمكن أن تفعله إسرائيل بنفسها الآن. وبهذا تستعيد إسرائيل زمام المبادرة الاستراتيجية وتتمكن من تغيير عجلة الحرب وتكتسب الشجاعة، وتكون هي التي تجعل أعداءها يخافون ويرتكبون أخطاء جسيمة. واذا كانت إسرائيل تريد الحياة، فعليها أن تقوم بعملية دوليتل، أو اثنتين، أو ثلاث.
ترجمة: غسان محمد

الكلمات المفتاحية

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen