إفرازات طوفان الأقصى تتالى: مخاوفٌ وتبعاتٌ اقتصاديّة تؤرق العدوّ
رغم وقف الحرب في غزة وتوقف عمليات الإسناد من جبهتي لبنان واليمن ، الا أنّ تبعات الحرب بقيت جاثمة داخل جبهة العدو الذي بات يعيش اليوم انحداراً اقتصاديّاً فاقم التضخّم وارسى واقعاً يؤرق الاحتلال على المدى البعيد.
لم يستطع كيان الاحتلال الإسرائيلي أن يخفي تبعات الحرب التي أثقلت داخله المنهك سيما في الجانب الاقتصادي الذي يعوّل عليه الاحتلال بشكل كبير.
مخاوف كثيرة لم يتعاف منها كيان الاحتلال الإسرائيلي، فالمتاعب الاقتصادية لا تزال قائمة ولم يتغير شيئًا سوى انتعاش الشحن البحري قليلًا والنقل الجوي بنسبة أقل، مع بقاء الغلاء والشحة التموينية لمعظم السلع الأَسَاسية وتعطل الإنتاج التكنولوجي وغيرها، بالإضافة إلى استمرار تداعيات أُخرى سترافق العدوّ أكثر من 8 أعوام على الأقل، من بينها التضخم، والتصنيف الائتماني، وفقدان العدوّ الصهيوني مكانته كوجهة اقتصادية آمنة بعد أن باتت المدن الحيوية المحتلّة بيئة طاردة للحياة والاستثمار معًا.
وفي ظل استمرارية تعطل حركة السياحة والاستثمار والتجارة النوعية على وقع المخاوف من العودة إلى التصعيد، وما سببته تصريحات ترامب الاستفزازية بشأن التهجير، فَــإنَّ العدوّ الصهيوني وعلى الرغم من استمرارية اتّفاق وقف إطلاق النار في جبهة غزة وتوقف العمليات اليمنية التي فرضت حصارًا متعدد الأوجه، يعاني اقتصاديًّا، حَيثُ ارتفعت نسبة التضخم إلى أكثر من المتوقع وهو ما يقود لنتائج تدميرية على عدة قطاعات ، ما يؤكّـد أن الاقتصاد الصهيوني قد بات مزيجًا هُلاميًّا يتأثر بأبسط الظروف، حتى وإن كانت هذه الظروف هي التلويح بالعودة لمربع التصعيد، وما يقابلها من تهديدات مناوئة، على رأسها تهديدات الجبهة اليمنية على لسان السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي فرض معادلةً جديدةً في الخطابات الرادعة.
ووفق ما نشرته وسائل إعلام صهيونية، فَــإنَّ ما تسمى "دائرة الإحصاء المركزية"، أكّـدت أن التضخم ارتفع بأكثر من المتوقع في يناير الماضي إلى 3.8 %، وهو أعلى مستوى له في أكثر من عام، لافتةَ إلى أن القائمين على المنظومة الاقتصادية الصهيونية لن يخفضوا من أسعار الفوائد في الوقت القريب، وذلك على وقع تشتت جهود العدوّ في عدة مسارات، ومنها فشله في السيطرة على إعادة الهدوء للاستثمارات والسياحة والإنتاج التكنولوجي واستتباب الأمن للنقل الجوي وكذلك البحري.
وفيما يرى مراقبون أن مواصلة ارتفاع التضخم يعود إلى التراكمات التي تركتها جبهة غزة وجبهات الإسناد، فَـإنَّه في المقابل ما تزال حكومة المجرم نتنياهو تدور حول نفسها في دائرة مغلقة قطريها التصعيد والتهدئة، حَيثُ ما تزال الانقسامات والتصدعات تنتشر في الجسد الصهيوني على وقع الانتصار التاريخي الفلسطيني.
الجاهزية اليمنية العالية لمعاقبة العدوّ من جديد، بدورها ، خلقت مخاوف متعددة لدى العدوّ، وهو ما حال دون عودة التصعيد، وَأَيْـضًا دون عودة الحياة السياحية والاقتصادية والاستثمارية والأمنية والتجارية إلى سابق عهدها، وهذا ما يؤكّـد أن العدوّ سيظل يعاني طويلًا إذَا لم يسعَ لمسار تهدئة إجباري طويل بكامل شروط المقاومة.
وفي السياق أَيْـضًا ذكرت وسائل إعلام العدوّ أن استمرار التضخم يأتي بفعل نقص الإمدَادات إلى الكيان الصهيوني، في إشارة إلى الحصار البحري اليمني الخانق الذي عطل ميناء أم الرشراش الاستراتيجي المتربع على رأس البحر الأحمر، ونقص الشحن إلى الموانئ المحتلّة الأُخرى المطلة على البحر الأبيض المتوسط بفعل الضربات التي طالت سفن الشركات المتعاملة مع العدوّ والتي أَدَّت إلى عزوف كبريات الشحن البحري الدولية عن إمدَاد العدوّ حتى من وراء القرن الإفريقي.
وبالتوازي مع ذلك أَيْـضًا، فَــإنَّ لجوء العدوّ الصهيوني إلى رفع الضرائب –لتغطية عجزه المالي– وما ترتب على ذلك من ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية وغلاء المعيشة كالسكن والاتصالات والمياه والخدمات الأَسَاسية، أَدَّت إلى ارتفاع التضخم، وهو بدوره يجبر العدوّ على خفض أسعار الفائدة.
يضاف إلى كل ما تم ذكره الوقت الذي يحتاجه العدو لإعادة ترميم سمعته العسكرية والامنية والاقتصادية ليحدّ من تآكل وجوده الداخلي المتفاقم بالفرارات الجماعية.
وعليه يبقى الحلُّ الوحيد أمام العدوّ الصهيوني هو إغلاق مِلف غزة بشكل كامل دون قيد أَو شرط، وإن وجد قيد أَو شرط فهو من نصيب أهل غزة ومقاومتها، والكف عن تأجيج الأوضاع في الضفة المحتلّة، ورغم بقاء المشاكل قائمة لسنوات بفعل تراكمات الطوفان ومسانديه.