12 شباط , 2025

ترامب وتهجير الفلسطينيين.. تصفية للقضية الفلسطينية واستمرار التواطؤ مع اليمين الإسرائيلي

خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المزعومة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول أخرى، أصبحت بمثابة تهديد جديد يضاف إلى سلسلة محاولات تصفية القضية الفلسطينية، فلم تكن تلك التصريحات مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، بل شكلت جزءًا من مشروع أكبر يخدم أجندات اليمين الإسرائيلي المتطرف، وهو ما يعكس تحالفًا بين السياسات الأمريكية والإسرائيلية لتوسيع الاحتلال وتهجير الفلسطينيين.

منذ اللحظة الأولى لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لتهجير سكان قطاع غزة، بدا واضحًا أن الأمر يتجاوز كونه مجرد تصريحات إعلامية أو مواقف سياسية مؤقتة، بل هو جزء من مشروع متكامل يسعى لإعادة رسم معالم القضية الفلسطينية. لم تكن هذه الفكرة جديدة، إذ لطالما كانت جزءًا من أجندة اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يحلم بإعادة توطين الفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة كحل نهائي للصراع، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي وحقوق الفلسطينيين في أرضهم.

ما يجعل تصريحات ترامب خطيرة هو انسجامها التام مع مشاريع إسرائيلية سابقة دعت إلى تفريغ غزة من سكانها، وتحويلها إلى منطقة خالية من الفلسطينيين، تمهيدًا لضمها أو استخدامها لأغراض أخرى. خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، لم يكتفِ ترامب بالإشارة إلى فكرة التهجير، بل تحدث عن خطة أمريكية لاستلام قطاع غزة وإعادة بنائه بعد تهجير سكانه، وتحويله إلى منتجع سياحي عالمي. هذه الرؤية تتلاقى مع أفكار إسرائيلية متطرفة تدعو إلى "غزة بلا فلسطينيين"، معتبرة أن استمرار وجودهم في القطاع يشكل خطرًا على أمن إسرائيل ويعزز قوة المقاومة.

لا يمكن النظر إلى تصريحات ترامب بمعزل عن الأهداف الاستراتيجية التي يسعى لتحقيقها، سواء لصالح إسرائيل أو كجزء من رؤيته للشرق الأوسط. هذه الفكرة ظهرت خلال فترة رئاسته الأولى، عندما طرح صهره ومستشاره جاريد كوشنر رؤية مشابهة تقوم على "تطهير غزة" وبناء منطقة جديدة فيها بعد نقل سكانها إلى أماكن أخرى. كوشنر تحدث آنذاك عن الإمكانات الاقتصادية للقطاع، مقترحًا استغلاله بعد إخلائه من الفلسطينيين، وهي ذات الفكرة التي عاد ترامب ليطرحها بصيغة أكثر وضوحًا.

لكن الفارق هذه المرة أن الطرح جاء مباشرة من ترامب نفسه، مدعومًا بتصريحات رسمية من البيت الأبيض تؤكد أن الإدارة الأمريكية مستعدة لدعم إسرائيل في تنفيذ هذه الخطة. وبعيدًا عن مدى واقعية تنفيذها، فإن مجرد طرح الفكرة يحمل رسالة واضحة بأن الإدارة الأمريكية تتبنى رؤى اليمين الإسرائيلي المتطرف، ما يثير قلقًا واسعًا بشأن مستقبل القضية الفلسطينية.

إعلان ترامب عن مخطط التهجير أثار موجة من الغضب والرفض عربياً ودولياً، معتبرة انها انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي..

حتى داخل الولايات المتحدة، لم تمر تصريحات ترامب دون انتقادات، إذ عبرت عدة شخصيات سياسية عن مخاوفها من أن يؤدي هذا الطرح إلى تقويض حل الدولتين نهائيًا، ما يضع واشنطن في مواجهة مع المجتمع الدولي، الذي لا يزال يرى في إقامة دولة فلسطينية مستقلة الحل الأمثل للصراع.

رغم ما يبدو من خطورة خطة ترامب، إلا أن تنفيذها على أرض الواقع يواجه عقبات كبيرة، أبرزها الرفض الفلسطيني القاطع لمثل هذه المشاريع، حيث أثبت الشعب الفلسطيني على مدار العقود الماضية تمسكه بأرضه ورفضه لكل محاولات التهجير القسري.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen