28 حزيران , 2025

تل ابيب تعيد فصول الحرب الأولى وتستهدف الجياع والنازحين

بالتوازي يواصل العدو حربه الشاملة على غزة، عبر المجازر والتجويع واستهداف المدنيين ومراكز الإيواء مرتكبا مجازر جديدة بحق النازحين، في تصعيد متزامن مع الحديث عن اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار، ما يؤكد أن الفوضى باتت مشروعاً مقصوداً، لا مجرد نتيجة جانبية للحرب.

لم تَعُد مجازر تل ابيب اليومية في قطاع غزة مجرّد انعكاس لفشل سياسي أو انفعال عسكري، بل تحوّلت إلى نمط محسوب، تكرره آلة الحرب بدم بارد، كما لو أنها تطارد هدفاً واحداً: الفوضى. لليوم الـ631 على التوالي، تستمر المجازر، وتستمر المجاعة، ويستمر استهداف الجائعين عمداً.
وفيما تُنذر المؤشرات السياسية بقرب اتفاق لوقف إطلاق النار، جاء الرد الإسرائيلي عبر تكثيف العدوان، وارتكاب سلسلة من المجازر الجديدة ضد النازحين والمحتاجين، وصلت ذروتها في قصف خيام ومراكز إيواء ومدارس مكتظة. وزارة الصحة في غزة أعلنت، مساء الجمعة، ارتفاع عدد الشهداء إلى 56331 شهيدًا، والجرحى إلى 132632 منذ السابع من تشرين الأول، وهو رقم لم يُسجل في أي حرب معاصرة ضد منطقة محاصرة بهذا الشكل.
العدوان الإسرائيلي استهدف منازل المدنيين في جباليا البلد شمال القطاع، وخيام نازحين في مواصي خانيونس، ومدارس تؤوي لاجئين في غزة والصفطاوي والتفاح. في مدرسة “شعبان الريس” وحدها، ارتقى عشرة نازحين دفعةً واحدة. أما مدرسة “أسامة بن زيد”، فكانت مسرحاً لمجزرة أخرى راح ضحيتها ثمانية شهداء. وفي رفح، استُهدِف المنتظرون قرب مراكز توزيع المساعدات الأميركية بقذائف مباشرة، ما أدى إلى استشهاد 13 مواطنًا، ضمن سياسة باتت علنية
وفي واحدة من أخطر الشهادات، نقلت صحيفة “هآرتس” عن جنود الاحتلال أن الأوامر المباشرة من القيادة تقضي بـ”قتل الجياع”، وأن الرصاص والمدفعية وحتى قذائف الهاون باتت تُستخدم دون أي تمييز قرب مراكز التوزيع. “نطلق النار على كل من يقترب، ولا أحد يحاسبنا. غزة منسية، قالها جندي بصوت بارد
وفي حين تمكّنت العشائر الفلسطينية، الخميس، من تأمين دخول مساعدات عبر معبر زيكيم، نسفت طائرات الاحتلال هذه الجهود بقصف مباشر طال أفراد وحدة التأمين، ما أعاد الفوضى إلى مشهد المساعدات، وسهّل عودة السرقة والاحتكار والتهريب.
لم يعد هدف الاحتلال فقط هو القضاء على المقاومة بل خلق بيئة من الانهيار المستمر، وتفكيك البنية الأخلاقية والاجتماعية لمجتمع بأكمله. وكلما اقتربت المنطقة من حلول تفاوضية، أعادت إسرائيل عقارب المجازر إلى الوراء، كما لو أنها تريد التفاوض على ركام الجثث، لا على أوراق السياسة.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen