28 حزيران , 2025

إيران تُغلق أبواب التفاوض: طهران ترفع السقوف وتطالب بمحاسبة تل ابيب وواشنطن

أعلنت إيران رفضها العودة إلى المفاوضات في المرحلة الحالية، ووجّهت اتهامات صريحة للولايات المتحدة والكيان بارتكاب جرائم حرب، مطالبة بتحقيق دولي، ومؤكدة تمسّكها بالتخصيب داخل أراضيها وعدم القبول بأي شروط تمسّ سيادتها.

ترسم طهران ملامح مرحلة جديدة في تعاملها مع القوى الغربية، معلنة أن لا مفاوضات في الوقت الراهن، وسط تصعيد لافت في اللهجة والاتهامات. وفي تحرك حقوقي هو الأشد منذ بدء العدوان الصهيو-أميركي على المنشآت الإيرانية، طالب ناصر سراج، مساعد رئيس السلطة القضائية للشؤون الدولية وأمين لجنة حقوق الإنسان الإيرانية، الأمم المتحدة بفتح تحقيق رسمي ومستقل في الانتهاكات الممنهجة ضد مؤسسات الدولة والبنى التحتية المدنية، مؤكداً أن ما جرى هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب متكاملة الأركان.
سراج، وفي رسالة شاملة وجهها إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، كشف عن تفاصيل الهجمات التي طالت مبنى الإذاعة والتلفزيون، مستشفيات، مراكز الهلال الأحمر، وسجن إوين، وأدت إلى سقوط ضحايا من العاملين المدنيين، وتدمير مرافق حيوية، فضلاً عن محاولة اغتيال علماء نوويين عبر قصف منازلهم. واعتبر أن الولايات المتحدة، من خلال تزويد الكيان بالمعلومات والغطاء العسكري واللوجستي، شريكة مباشرة في تلك الانتهاكات، داعياً إلى محاسبتها على مستوى المنظومة الدولية.
بالتوازي، شدّد ممثل إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، على تمسّك بلاده بالتخصيب داخل الأراضي الإيرانية، قائلاً إن أي مقترح لإنشاء كونسورتيوم إقليمي للتخصيب لن يكون بديلاً عن البرنامج المحلي. وأكد إيرواني أن إيران مستعدة للتعاون في مجال السلامة النووية وتبادل الوقود، لكنها لن تقبل المساس بسيادتها أو تقليص قدرتها الذاتية، مضيفاً أن الحديث عن تنازل طهران بشأن التخصيب أو برنامجها الصاروخي أمر غير مطروح على الإطلاق.
وفيما يتصاعد التوتر مع الغرب، أوضح إيرواني أن نقل اليورانيوم المخصب إلى الخارج يمكن مناقشته ضمن اتفاق شامل ومتوازن، لكن طهران لن تتعامل مع أي مبادرة لا تعترف بكامل حقوقها المنصوص عليها في معاهدة حظر الانتشار النووي. كما أوضح أن تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يعني الانسحاب من الاتفاقات، بل هو ردّ على إخفاق الوكالة في إدانة العدوان على المنشآت الإيرانية.
أما على الصعيد السياسي، فقد خرج وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي بموقف صريح، مشدداً على أن أي تفاوض مشروط باحترام القيادة الإيرانية، وتحديداً مقام المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، في إشارة إلى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وقال عراقتشي إن لغة الإهانة لا تُبنى عليها الاتفاقات، محذراً من مغبة الاستخفاف بسيادة إيران وكرامة شعبها.
تأتي هذه المواقف في ظل ضغوط متزايدة على طهران، ومحاولات لإعادة الملف النووي إلى طاولة المفاوضات، إلا أن الرد الإيراني جاء حاسماً: لا تفاوض في ظل العدوان، ولا تنازل في ظل التهديد. وبينما ترفع إيران شكواها إلى الأمم المتحدة، فإن رسائلها تتعدى المؤسسات الدولية، لتصل إلى من يعنيه الأمر: مفاتيح الأمن والسلام في المنطقة تمرّ عبر طهران، لا فوقها.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen