11 شباط , 2025

في الذكرى السادسة والأربعين للثورة.. إيران تكشف ترسانتها العسكرية..قوة لا تهتز وجاهزية لا تغيب

في ساحات طهران التي احتضنت قبل عقود شرارة التحولات الكبرى، وقفت الجمهورية الإسلامية اليوم، بعد 46 عامًا من انتصار ثورتها، لتكشف عن قوة لم تعد خفية، وجاهزية لا تعرف التراجع. لم يكن الاحتفال مجرد طقوس سنوية، بل كان استعراضًا يبعث برسائل استراتيجية إلى كل من يراقب المشهد الإقليمي بعين الترقب، صواريخ باليستية بعيدة المدى، مدرعات مقاومة للألغام، أسطول بحري يتوسع، وقوات بشرية تضاهي جيوش الدول العظمى، كلها اجتمعت في ساحة آزادي، حيث خطّت إيران بوضوح معادلتها الجديدة: القوة تحفظ السيادة، والتطور العسكري هو الضامن للاستقلال في عالم لا مكان فيه للضعفاء.

في مشهد يترجم عقودًا من التطوير العسكري والاستراتيجي، احتشدت الجماهير في ساحة آزادي بالعاصمة الإيرانية طهران، تزامنًا مع الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الإسلامية، حيث استعرضت وزارة الدفاع الإيرانية أحدث إنجازاتها الدفاعية، لتؤكد على مكانتها كقوة إقليمية قادرة على حماية أمنها ومصالحها.

لم يقتصر العرض العسكري على الأسلحة التقليدية، بل شمل منظومات صاروخية متطورة، ومدرعات عسكرية حديثة، وسفن حربية متخصصة، مما يعكس التوجه الإيراني نحو تعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية في مختلف الميادين، سواء البرية أو البحرية أو الجوية.

شكلت الصواريخ الباليستية والتكتيكية محورًا رئيسيًا في هذا الاستعراض العسكري، حيث قدمت إيران صاروخ خرمشهر الباليستي، الذي يتمتع بمدى يصل إلى 2000 كيلومتر، مما يجعله قادرًا على استهداف أهداف بعيدة بدقة، مع إمكانية حمل رأس حربي يزن 1800 كيلوغرام، أو عدة رؤوس حربية بدلًا من رأس واحد، لتعزيز فعاليته في ساحة المعركة.

أما صاروخ "الحاج قاسم"، فهو الجيل الأحدث من منظومة "فاتح 110"، ويبلغ مداه 1400 كيلومتر، مع تصميم متطور يمكنه من تجاوز أنظمة الدفاع الصاروخي، ما يمنحه قدرة هجومية دقيقة في المواجهات العسكرية.

كما تم عرض منصة إطلاق صواريخ "فتح 360"، والتي يمكنها حمل 6 صواريخ دفعة واحدة، مما يمنح إيران قدرة نارية سريعة ومتعددة الاتجاهات، تعزز من استراتيجيتها في الضربات الاستباقية أو الدفاعية.

لم يكن المشهد العسكري مكتملًا دون إبراز القوة البرية الإيرانية، والتي تُعد واحدة من أكثر القوات العسكرية تجهيزًا في المنطقة. فقد تم الكشف عن مركبة طوفان 4×4 العسكرية، التي صُممت لتكون قادرة على مواجهة التحديات الميدانية، فهي مزودة بتدريع متطور يتيح لها مقاومة انفجارات الألغام والمتفجرات بقدرة عدة كيلوغرامات من مادة TNT، فضلًا عن توفير حماية عالية ضد الرصاص ذو النواة الفولاذية. كما تتميز بقدرتها الفائقة على المناورة، حيث يمكنها عبور قنوات مائية بعمق 1.5 متر، وتسلق عقبات عمودية بارتفاع 50 سنتيمترًا، ما يجعلها مثالية للعمليات البرية في البيئات القاسية.

وعلى صعيد العتاد الحربي، تمتلك القوات البرية الإيرانية ترسانة عسكرية هائلة تشمل 4071 دبابة قتالية، وأكثر من 69 ألف مركبة عسكرية، مما يعزز قدرتها على الانتشار السريع في أي ساحة مواجهة. كما تمتلك إيران قوة مدفعية ضخمة، حيث تشمل ترسانتها 580 مدفعًا ذاتي الحركة، و2050 مدفعًا مقطورًا، إلى جانب 1085 راجمة صواريخ، مما يمنحها قوة نارية هائلة قادرة على التعامل مع مختلف السيناريوهات القتالية.

في ظل التوترات المستمرة في الممرات البحرية، كشفت إيران عن جزء من أسطولها البحري الذي يحتل المرتبة 32 عالميًا. وتم استعراض زورق الدورية "غولف" بطول 8 أمتار، المصمم لتنفيذ مهام المراقبة السريعة، إضافة إلى زورق الدورية "ريب" بطول 11 مترًا، الذي يتميز بقدرته على تنفيذ عمليات الإنزال السريع والمهام الخاصة.

كما يضم الأسطول البحري الإيراني 101 وحدة بحرية، تشمل 7 فرقاطات، و3 كورفيتات، و19 غواصة، إلى جانب سفن الدورية وكاسحات الألغام، ما يعكس تطور القدرات البحرية الإيرانية لتعزيز نفوذها في الخليج والمياه الإقليمية.

تعتمد الاستراتيجية العسكرية الإيرانية على جيش ضخم يتمتع بجاهزية قتالية عالية، حيث يضم 1.15 مليون فرد، موزعين بين 575 ألف جندي عامل، و350 ألف جندي احتياطي، إلى جانب 90 ألف عنصر من القوات شبه العسكرية، مما يمنح إيران قدرة على التحرك السريع في مختلف التحديات الأمنية والعسكرية.

لم يكن هذا الاستعراض العسكري مجرد عرض لإنجازات تقنية، بل كان رسالة استراتيجية واضحة، تؤكد أن إيران تمتلك قدرات عسكرية متطورة تجعلها لاعبًا رئيسيًا في معادلات القوة الإقليمية. وبينما تحاول قوى دولية وإقليمية فرض سياسات الضغط والعقوبات، تبعث إيران برسالة مفادها أنها مستعدة لمواجهة أي تهديدات، وقادرة على الدفاع عن سيادتها وأمنها.

في ظل المشهد الإقليمي المتوتر، تبقى هذه العروض العسكرية بمثابة تحذير واضح لمن يفكر في استهداف إيران أو تهديد مصالحها، إذ بات من الواضح أن الجمهورية الإسلامية لم تعد فقط قوة عسكرية تقليدية، بل تسير بخطى ثابتة نحو تطوير منظومة دفاعية متكاملة، تجعلها لاعبًا صعبًا في أي معادلة إقليمية أو دولية.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen