العدوّ يُعوّض عن فشله بالتّهديد: الحربُ مع لبنان مُستبعدة
فيما يخص الحرب الدائرة بين العدو والمقاومة الاسلامية في لبنان تعوض تل ابيب عن أدائها المتعثّر بالتهويل والتلويح بالحرب فما هي واقعية هذه التهديدات وهل الكيان قادر على ذلك اساسا؟
تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية لهجة التهديدات الصهيونية التي تطال لبنان، بينما يمضي العدو في حربه الدموية ضد الشعب الفلسطيني الذي يسطّر صموداً تاريخياً أمام الإبادة الجارية على مدار الوقت.
غير أن هناك ما يدفع إلى الاعتقاد بأن التصعيد العسكري الصهيوني في اتجاه لبنان ليس وارداً بالحجم الذي يصوّره قادة العدو فمن الواضح أن لغة التهديد هي بمثابة تعويض عن ضيق الخيارات العسكرية ومحاولة لطمأنة الداخل الإسرائيلي، ولا سيما إلى جمهور المستوطنين في شمالي فلسطين المحتلة الذين يعبّرون عن تبرّمهم من استمرار نزوحهم عن مستوطناتهم منذ نحو شهرين
وفضلا عن ذلك سيكون من الصعوبة بمكان أن يلجأ العدو إلى شن حرب على لبنان بالتزامن أو بعد الانتهاء من العدوان على غزة. فالحرب في غزة طالت، وأي حرب أخرى ضد لبنان قد لا تنتهي بسرعة، وبالتالي فهي غير مضمونة العواقب والمدى وخصوصا في ظل التخوف من الأضرار بوجود الصواريخ الدقيقة التي يمكنها ضرب محطات الطاقة ومرافق حيوية أخرى في فلسطين المحتلة
على وقع الخسائر البشرية كما المادية لا يوجد إجماع في أوساط العدو على ضرورة خوض الحرب في لبنان في الوقت الحالي، مثلما هو الحال في قطاع غزة حيث يسود شعور عارم بالحاجة إلى غسل العار الذي ولّدته عملية طوفان الأقصى في كامل مجتمع العدو.
وبناء على ما سبق، تبدو الحرب على غزة أولوية أولى لدى المجتمع السياسي الصهيوني، لكن ذلك لا يلغي بالكامل إمكانية حصول تصعيد ولو محدود على الجبهة الشمالية مع لبنان نتيجة حرب الاستنزاف التي تجري على امتداد 100 كلم.
وهذا التصعيد المحتمل ربما يهدف إلى الدفع باتجاه إجراء ترتيبات أمنية على الحدود تناسب الاحتلال وتعيد الوضع إلى ما كان بعد انتهاء حرب 2006. مع ذلك، فإن المؤشرات المذكورة لا تشجع كثيراً على خوض غمار المخاطرة في لبنان، في وقت تتحول غزة كابوساً حقيقياً لجيش الاحتلال قد يطول بتداعياته.