08 أيار , 2025

وقف إطلاق النار.. إخفاق استراتيجي لواشنطن وهزة غير مسبوقة بالتحالف مع الكيان

في مشهد يعكس تحوّلاً دراماتيكياً في موازين القوى، أعلنت الولايات المتحدة وقفاً لإطلاق النار مع اليمن، في خطوة فُسّرت على نطاق واسع بأنها اعتراف بالفشل في تحقيق أهداف الحملة العسكرية التي شنتها إدارة ترامب ضد اليمن.

منذ انطلاق الضربات الأميركية ضد اليمن منتصف مارس الماضي، رفعت واشنطن سقف أهدافها، تحجيم القدرات العسكرية لليمن، وضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر، وتأمين ظهر الكيان الصهيوني في حربها على غزة. لكن، وعلى مدى أسابيع، كشفت العمليات اليمنية عن قدرة صلبة على الصمود، بل ومبادرة هجومية مثيرة للدهشة.

المعلومات الميدانية أظهرت إسقاط 22 طائرة أميركية مسيّرة من نوع "MQ-9"، وخسارة ثلاث مقاتلات من طراز "F-18"، في وقتٍ تصاعدت فيه المخاوف داخل وزارة الدفاع الأميركية من تعرّض حاملة الطائرات "هاري ترومان" لهجوم مباشر. كل ذلك، بحسب مصادر عسكرية أميركية، شكّل دافعاً أساسياً للإسراع نحو التهدئة، بوساطة عمانية.

عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله، عبد الله النعمي، اعتبر القرار الأميركي "انسحاباً مبكراً وذكياً"، مشيراً إلى أن استمرار العمليات كان سيكبّد الولايات المتحدة المزيد من الخسائر

لكن المفاجأة الكبرى لم تكن في واشنطن، بل في تل أبيب. إعلان وقف النار نزل كالصاعقة على القيادة الإسرائيلية، التي لم تُبلّغ مسبقاً بالاتفاق. فقد وصف مسؤول إسرائيلي الأمر لصحيفة "جيروزاليم بوست" بأنه "صدمة كاملة"، في وقت لم تُخفِ فيه وسائل الإعلام العبرية قلقها من أن تصبح إسرائيل وحيدة في مواجهة الحوثيين.

ويرى مراقبون أن الانسحاب الأميركي جاء نتيجة لفشل شامل في قراءة المشهد الإقليمي، حيث تحوّلت واشنطن من دولة ضاغطة إلى طرفٍ مضطر لتقديم تنازلات، بعد أن استنزفت عسكرياً دون مكاسب سياسية واضحة.

بين الارتباك السياسي في واشنطن، والانزعاج الإسرائيلي، تبدو معادلة الردع في المنطقة قد أعيدت صياغتها. فالقرار الأميركي لم يكن وليد رغبة في السلام، بل اعتراف عملي بالهزيمة، في معركة أثبتت أن أدوات القوة وحدها لم تعد كافية لصياغة النفوذ، وأن حسابات التوازن تغيّرت.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen