19 آب , 2025

برّاك يغادر بيروت… وعود أميركية بلا ضمانات ..والمقاومة ثابتة على مواقفها

لم يأتِ المبعوث الأميركي توم برّاك إلى بيروت حاملاً حلولاً، بل ضغوطاً مغلّفة بوعود اقتصادية فارغة. زيارة تكشف جوهر المشروع الأميركي الإسرائيلي الهادفة الى نزع سلاح المقاومة وتجريد لبنان من قوته، مقابل اعتداءات اسرائيلية متواصلة بلا محاسبة او ضغوط.

هبطت طائرة المبعوث الأميركي توم برّاك في بيروت محمّلة بأوهام كبيرة ، وبحقيبة خالية من أي ضمانات، كلمات منمّقة عن الدعم والازدهار، مغطاة بسطور تنصّ على تسليم سلاح المقاومة وتجريد لبنان من قوته، للتحول ويارة باراك الى ما هو اشبه بالوصاية المعلنة على لبنان .

الزيارة لم تحمل أي جديد فعلي، بل أعادت تكرار لغة الوعود المعلبة: مساعدات مالية، إنعاش اقتصادي، وخطط دعم مشروطة. لكن صاحبها في المقابل تهرّب من تقديم أي ضمانة بشأن التزام العدو الاسرائيلي بوقف اعتداءاته أو انسحابه من الأراضي اللبنانية المحتلة. بل أكثر من ذلك، غادر برّاك سريعاً إلى تل أبيب، ليأخذ من العدو رأيه في الورقة، وكأن القرار لا يُصنع في بيروت بل هناك.

اللافت أن برّاك لم يتردّد في مخاطبة اللبنانيين بلهجة استعلائية، محاولاً الإيحاء بأن القرار الأميركي يصبّ في مصلحة الطائفة الشيعية نفسها، وكأن واشنطن نصّبت نفسها وصياً على مكوّن لبناني كامل، في خطاب أثار سخرية واستياء في آن واحد.

خطورة زيارة برّاك أنها أعادت إلى أذهان اللبنانيين تجربة اتفاق 17 أيار المشؤوم، حين فُرض على لبنان توقيع اتفاق استسلامي تحت كنف الاحتلال، قبل أن يسقط بفعل المقاومة. اليوم المشهد مشابه: واشنطن تعرض أوهاماً اقتصادية مقابل التخلي عن سلاح المقاومة، فيما العدو يواصل الخرق والعدوان/ مع فارق زمني وتراكمي في قوة المقاومة حجمها وتأثيراتها

في الداخل اللبناني،  المواقف بدت متباينة. الرئيس جوزاف عون أطلق خطاباً أقرب إلى تبرير الورقة الأميركية، محذراً من أن رفضها سيعني هجوماً إسرائيلياً. أما رئيس الحكومة فطالب بضغط أميركي على العدو لوقف الاعتداءات ودعم الجيش. وحده الرئيس نبيه بري بقي ثابتاً عند معادلته: لا نقاش في سلاح المقاومة قبل انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة ووقف خروقاتها.

أما حزب الله فاعتبر ما جاء به برّاك نسخة جديدة من مشاريع الوصاية، مؤكداً على لسان الشيخ نعيم قاسم في خطابه الاخير أن المقاومة لن تتخلى عن سلاحها، وأنها مستعدة لخوض أي مواجهة تُفرض عليها.

زيارة برّاك جاءت لتثبيت أمر واقع: واشنطن تضغط، إسرائيل تتنصل، والسلطة اللبنانية تبحث عن مخارج وسط عجز داخلي وانقسام سياسي. لكن التاريخ يثبت أن المعادلة التي تفرضها المقاومة أقوى من أي ورقة أو تهديد. فكما سقط اتفاق 17 أيار، تبدو الورقة الأميركية اليوم مجرد محطة عابرة ستنتهي إلى الفشل أمام صلابة المقاومة وشعبها..

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen