03 آذار , 2025

أزمة الغاز تخنق الجنوب المحتل.. بين طوابير المعاناة وسوق الفساد السوداء

تمددت أزمة الغاز بشكل متسارع في المحافظات والمناطق المحتلة، بعد أن كانت الأزمة محصورة على عدن وتعز فقط، وسط تجاهل حكومة المرتزقة.

تتفاقم أزمة الغاز المنزلي في المحافظات والمناطق الخاضعة للاحتلال بوتيرة متسارعة، بعد أن كانت محصورة في عدن وتعز فقط، لتشمل اليوم حضرموت، أبين، لحج، شبوة، ومناطق أخرى، وسط صمت مريب من قبل حكومة المرتزقة التي تواصل تجاهل معاناة المواطنين. ويأتي هذا التوسع في الأزمة ليكشف حجم الفشل والفساد المستشري في منظومة الاحتلال وأدواته، حيث تتحكم قوى النفوذ في توزيع الغاز وتوجهه وفق مصالحها، بينما يُترك المواطن يواجه مصيره في ظل ارتفاع الأسعار وشحّ الموارد.

يتزامن هذا الاختناق الحاد مع دخول شهر رمضان، وهو الوقت الذي يزداد فيه الطلب على مادة الغاز المنزلي بشكل كبير، ما جعل الأزمة أكثر قسوة وتأثيرًا على حياة السكان. ففي محافظة حضرموت، المعروفة بثرواتها النفطية والغازية، أصبحت أزمة الغاز خانقة إلى درجة غير مسبوقة، حيث اختفت المادة تمامًا من الأسواق الرسمية، بينما تتوفر بكميات محدودة في السوق السوداء بأسعار خيالية، تفوق قدرة المواطنين الذين يواجهون أوضاعًا اقتصادية متردية أصلًا.

لم تعد طوابير البحث عن أسطوانة غاز مجرد استثناء، بل أصبحت جزءًا من الحياة اليومية للمواطنين، خاصة في مدينة المكلا، حيث وثّق ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو لسكان يقضون ساعات طويلة أمام محطات التعبئة على أمل الحصول على أسطوانة واحدة. بعضهم ينتظر منذ الفجر، بينما آخرون اضطروا للمبيت أمام المحطات في مشهد يعكس حجم المعاناة. ومع استمرار الأزمة دون حلول، يجد المواطنون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع السوق السوداء التي رفعت أسعار الغاز إلى مستويات خيالية.

وفقًا لخبراء اقتصاديين، فإن ما يجري ليس مجرد أزمة عرضية، بل امتداد لمعاناة متكررة تضرب المحافظات المحتلة، بدءًا من عدن وتعز، مرورًا بأبين ولحج، وصولًا إلى شبوة وحضرموت. على الرغم من أن جميع منشآت التعبئة تقع تحت سيطرة تحالف الاحتلال ومرتزقته في مأرب، إلا أن الأزمة تتفاقم، ما يثير تساؤلات حول أسبابها الحقيقية.

وتشير التقارير إلى أن منتحل صفة مدير شركة الغاز في مأرب، والمقرّب من منتحل صفة المحافظ المرتزق سلطان العرادة، يقف خلف هذه الأزمة من خلال افتعال نقص الإمدادات واحتكار الكميات المتاحة لصالح السوق السوداء. وبدلًا من توزيع الغاز بشكل عادل على المواطنين، يتم تهريبه إلى جهات خارجية، في الوقت الذي يعاني فيه أبناء المحافظات المحتلة من أزمة خانقة.

 

لم يكن غياب الغاز عن الأسواق المحلية نتيجة نقص في الموارد، بل بسبب عمليات التهريب التي تتم بشكل ممنهج. فقد تداول ناشطون على مدى الأسبوعين الماضيين صورًا ووثائق تثبت عمليات تهريب الغاز عبر زوارق بحرية إلى دول مجاورة، في مشهد يعكس حجم الفساد والنهب المنظم للثروات، بينما تزداد معاناة المواطنين في الداخل.

إلى جانب ذلك، انتشرت السوق السوداء بشكل غير مسبوق، حيث تُباع أسطوانة الغاز بأسعار تصل إلى 25 ألف ريال، وهو رقم يعكس حجم الاستغلال والنهب الذي يمارسه المتنفذون. فبدلًا من أن يكون الغاز متاحًا بالسعر الرسمي، أصبح الحصول عليه يتطلب دفع مبالغ باهظة تفوق قدرة الأسر، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.

تأتي أزمة الغاز في سياق انهيار اقتصادي شامل يضرب المحافظات المحتلة، حيث تعاني الأسواق من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، مع تدهور متواصل لسعر العملة المحلية، ما جعل القدرة الشرائية للمواطنين تتراجع بشكل مخيف.

وفي ظل هذه الأوضاع، يجد السكان أنفسهم محاصرين بين أزمة الغاز، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانعدام الخدمات الأساسية، بينما تستمر حكومة المرتزقة في تجاهل هذه الكارثة دون تقديم أي حلول حقيقية. ومع استمرار هذا التدهور، تتزايد التساؤلات حول المستقبل المجهول الذي ينتظر المحافظات المحتلة في ظل الاحتلال ونهب الثروات والتلاعب بمقدرات البلاد.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen