23 كانون الثاني , 2025

في مُواجهة طوفان الأقصى: إخفاقٌ عسكريّ وأزمةٌ داخليّة صهيونيّة خطيرة

طوفان الاستقالات الذي عصف بكيان العدو يترك انعاكاسات كبيرة أبعد من كونه تبديل أسماء في المناصب ، إذ يرى محللون أنّ هذه الاستقالات قد تفتح باباً لإعادة صياغة مفهوم الأمن والسياسة داخل إسرائيل.

الفشل في مواجهة طوفان الاقصى ولّد حالة انهزاميّة لم تطل فقط مستوى مستوطني الكيان بل ضربت كذلك عمقه المتمثّل بقيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي.

حيث يشهد الكيان حاليا حالة غير مسبوقة من التحولات داخل مؤسساته العسكرية، عقب تقديم عدد من القيادات العليا استقالاتهم، من بينهم رئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هاليفي وقائد القوات البرية وقائد المنطقة الجنوبية، إضافة إلى قائد الاستخبارات العسكرية وقائد وحدة 8200 وقائدي سلاح الجو والبحرية.

ويرى محلّلون أنّ هذه الموجة من الاستقالات لا تعكس تغييرات إدارية اعتيادية، بل تمثل تحولات جذرية في هيكلية جيش الاحتلال الإسرائيلي وتركيبته القيادية، مما يثير تساؤلات حول أسبابها وتداعياتها.

الخبراء رأوا في هذه الاستقالات الجماعية انعكاسات تحمّل القيادات العسكرية مسؤولية الإخفاقات التي واجهها الجيش في الآونة الأخيرة خلال معركة طوفان الاقصى ، ومع ذلك، فإن المسألة لا تتوقف عند حدود تحميل المسؤولية، بل تبدو مرتبطة بتوجه الحكومة الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو نحو إعادة تشكيل الجيش بما يتماشى مع رؤيتها السياسية، التي تتسم بتوجهات يمينية متطرفة ذات طابع ديني واضح.

ويعتقد الخبراء بناء على تسارع الاحداث أنّ التغيرات القادمة في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي قد تؤدي إلى ظهور قيادات جديدة تحمل فكرًا أكثر تطرفًا وانحيازًا للأجندة السياسية للحكومة.

وهذا التغيير من شأنه أن يؤدي إلى تسييس جيش الاحتلال ، وهذه خطوة لم تشهدها إسرائيل بهذا الشكل من قبل، حيث يُنظر إلى المؤسسة العسكرية منذ تأسيس الكيان على أنها كيان مستقل نسبيًا يعمل بمعزل عن الأجندات الحزبية المباشرة.

ومع تولي شخصيات جديدة مقربة من نتنياهو وحلفائه، مثل سموتريتش وإيتمار بن غفير ، فإن المؤسسة العسكرية للكيان ستشهد تحولات جوهرية في عقيدتها وأسلوب عملها، مع التركيز على سياسات عدوانية أكثر تجاه الفلسطينيين وتوسيع النفوذ الإسرائيلي في المنطقة.

وشدد الخبراء على أنّ الفراغ القيادي الناتج عن هذه الاستقالات يعكس أزمة داخلية خطيرة في جيش الاحتلال الإسرائيلي ، وبأنّ فراغاً بهذا الحجم لا يقتصر على تحديات تنظيمية فقط، بل يُضعف قدرة الجيش على الاستجابة السريعة للتحديات الأمنية، خاصة في ظل تصاعد التهديدات على عدة جبهات أبرزها اليوم الضفة الغربية المحتلة.

كما أن هذه التغيرات قد تؤدي إلى تراجع الروح المعنوية لدى الجنود، مع شعورهم بفقدان الاستقرار داخل المؤسسة العسكرية التي طالما شكلت العمود الفقري للأمن القومي الإسرائيلي، ناهيك عن الانقسامات المجتمعية والسياسية التي يعيشها الكيان.

بالمحصّلة ، يبدو أن نتنياهو  يسير في اتجاه تعميق الأزمات بدلاً من حلها ، وهذه الاستقالات وما يتبعها من تعيينات جديدة لا تعني فقط تغييرات في الأسماء والمناصب، بل تمثل إعادة صياغة لمفهوم الأمن والسياسة في إسرائيل، مع تداعيات قد تكون كارثية على المدى البعيد

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen