اليمن 2024: تظاهرات مليونية وضربات موجعة للكيان الإسرائيلي وتصعيد بحري حاسم
في عام 2024، برزت اليمن في ساحة معركة لا تقتصر على الأسلحة، بل تتجسد فيها أيضًا إرادة شعب لا يلين. شهد العالم تطورًا نوعيًا في قدرة القوات المسلحة اليمنية، التي كسرت المعادلات العسكرية، وأظهرت مهارة غير مسبوقة في استهداف أهداف استراتيجية في قلب العدو. وبالتوازي مع هذه الضغوط العسكرية، تجسدت المقاومة اليمنية في مظاهرات مليونية أسبوعية دعت لها الجماهير، والتي كانت بمثابة استجابة حية للمطالب الشعبية بضرورة توسيع نطاق الدعم لغزة، مما أضاف بُعدًا إنسانيًا وشعبيًا لهذه المعركة التي تتجاوز مجرد المعركة العسكرية.
في عام 2024، قدم اليمن عرضًا مذهلاً لقوة المقاومة والتحدي في مواجهة أعتى القوى العسكرية في العالم، وبرزت هذه القوة ليس فقط من خلال الإنجازات العسكرية النوعية، بل أيضًا من خلال القدرة على تعبئة الجماهير وتعزيز الموقف السياسي ضد العدوان الإسرائيلي والأمريكي. كان عام 2024 عامًا مليئًا بالتطورات العسكرية والتكتيكية التي جعلت اليمن قوة لا يستهان بها في الصراع الإقليمي والدولي، وجعلت من طوفان الأقصى نقطة تحول كبيرة في مسار المواجهة مع الاحتلال.
الأداء العسكري اليمني في هذا العام قد تجاوز العديد من التوقعات والقدرات المعروفة. فالتطوير المستمر للصواريخ والطائرات المسيرة، إضافة إلى نجاحها في استهداف عمق الكيان الإسرائيلي، شكل علامة فارقة في صراع القوة. لم يعد اليمن مجرد طرف من أطراف الصراع، بل أصبح قوةً مستقلة قادرة على التأثير في موازين القوى في المنطقة، وقادرة على إيصال رسالة قوية إلى العدو بأن الأدوار قد تغيرت وأنه لم يعد بمقدور المعتدين أن يفرضوا هيمنتهم بلا مقاومة.
من أبرز مظاهر التفوق اليمني هو النجاح في إطلاق أكثر من 1150 صاروخًا بالستيًا، مجنحًا، وفرط صوتي، إضافة إلى عشرات الطائرات المسيرة والزوارق المفخخة التي ضربت عمق الكيان الصهيوني. ما يميز هذه الهجمات ليس فقط كميتها، بل دقتها واستهدافها للأهداف الاستراتيجية الحيوية التي جعلت الاحتلال الإسرائيلي في حالة من العجز العسكري، وأجبرت قادة الاحتلال على إعادة حساباتهم مرارًا وتكرارًا. على سبيل المثال، لم تكن الضربات على السفن الحربية وحاملات الطائرات الأمريكية مجرد استهدافات عسكرية عادية، بل كانت بمثابة رسائل عسكرية وسياسية أظهرت قدرة اليمن على إيلام العدو في قلبه العسكري والاقتصادي، بل وفي عمق تواجده العسكري في المنطقة.
إن استهداف أكثر من 212 سفينة عسكرية وتجارية، من بينها 4 حاملات طائرات أمريكية، لم يكن مجرد ضربة للعدو، بل كان تحديًا واضحًا للموازين التقليدية في الحرب البحرية والجوية، ما يعني أن اليمن قد أصبح لاعبًا في مجال البحر والجو على المستوى الإقليمي والدولي.
من بين الإنجازات العسكرية اليمنية التي استحقّت الإشادة، هو النجاح الكبير في الدفاعات الجوية. معركة طوفان الأقصى كانت اختبارًا حقيقيًا للقوة الدفاعية اليمنية، التي أثبتت قدرة هائلة على مواجهة الطائرات الأمريكية الحديثة مثل (إم كيو 9) و(إف 18). إسقاط 13 طائرة أمريكية من طراز (إم كيو 9) يعتبر سابقة نوعية لم تكن متوقعة في ظل التفوق التكنولوجي الأمريكي في مجال الطائرات المسيرة. ما يزيد من أهمية هذه الإنجازات هو أنه في معظم الأحيان، لا تكون دفاعات الدول الصغيرة قادرة على مواجهة مثل هذه الطائرات المتطورة، ولكن اليمن استطاع أن يثبت عكس ذلك تمامًا، ويحقق إنجازًا نوعيًا في معركة غير متكافئة.
من أبرز المشاهد المؤلمة للعدو الإسرائيلي في هذه المعركة، سقوط طائرة (إف 18) الأمريكية في البحر الأحمر بعد استهدافها من قبل القوات اليمنية، مما وضع خطط الاحتلال العسكري في مهب الريح، وأثبت أن التفوق العسكري ليس محصورًا في تكنولوجيا العدو فحسب، بل في القدرة على التكيف مع المعركة بشكل فاعل وابتكاري. إن هذا السقوط ليس مجرد خسارة تكنولوجية للعدو، بل صدمة حقيقية للمؤسسة العسكرية الأمريكية التي رأت طائراتها، التي كانت تعتبر ذات قدرات خارقة، تسقط بيد المقاومة اليمنية.
اليمن، من خلال هذه الإنجازات، أثبت أن القوة لا تقاس فقط بالقدرة على الهجوم، بل كذلك بقدرة الشعب على الصمود واستمرار مقاومته. فعلى الرغم من استمرار العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن فإنه لم يستسلم ولم يرضخ للأهداف السياسية التي يسعى لها التحالف المعتدي. فعلى مدار العام، واصل الشعب اليمني مسيراته الشعبية والتظاهرات المليونية، حيث شهدت البلاد أكثر من 14 ألف مسيرة وتظاهرة مليونية. كان لهذه المظاهرات تأثير كبير في تعزيز الجبهة الداخلية، وزيادة الضغوط الشعبية على الحكومة اليمنية لتوسيع نطاق العمليات العسكرية دعماً للقدس وغزة.
إن هذه المظاهرات لم تكن مجرد رد فعل عاطفي، بل كانت جزءًا من استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحفيز الجماهير على دعم المقاومة والتفاعل مع القضايا المصيرية في المنطقة. وعليه، أصبحت هذه التظاهرات ساحة إضافية من ساحات المواجهة، حيث تم تجميع القوة الشعبية ليتزامن ذلك مع الضغوط العسكرية على العدو.
لم يقتصر نجاح اليمن في 2024 على الميدان العسكري فحسب، بل شمل أيضًا الإيلام النفسي للعدو. فإطلاق صواريخ على عمق الأراضي المحتلة ضرب المعتقدات العسكرية للإسرائيليين، الذين كانوا يظنون أنهم بمنأى عن مثل هذه الضربات بسبب تفوقهم العسكري. لقد أظهرت هذه الضربات أن موازين القوة ليست فقط في يد الدول الكبرى، بل أيضًا في يد الشعوب التي تمتلك العزيمة والإرادة. وفي ظل هذه الهجمات، وجد الاحتلال الإسرائيلي نفسه في وضع دفاعي أكثر من كونه هجوميًا، مما أثّر في استراتيجياته العسكرية على المدى الطويل.
لتبقى الرسالة اليمنية قوية وواضحة: إن المعركة مع الاحتلال هي معركة مستمرة، لا تتوقف عند حدود معينة أو توقفات تكتيكية. ما حققته اليمن في 2024 لم يكن نهاية المطاف، بل بداية مرحلة جديدة، مرحلة تمتاز بالتفوق الاستراتيجي، الذي يجعل من اليمن لاعبًا إقليميًا له وزن كبير في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي. اليمن، الذي يواصل دعمه لغزة وفلسطين، والذي حقق هذه النجاحات الميدانية، يظل مثالًا على الصمود، والقدرة على الرد الفاعل، والإصرار على تحقيق النصر ضد قوى العدوان.