الباحث في الشّأن السّياسي حسن شعبان لـ السّاحات: غزّة تختصر الحرب بين الإنسان والآلة
في تغطية خاصّة على شاشة قناة السّاحات تحدّث الباحث في الشّأن السّياسي حسن شعبان عن طبيعة المعركة في قطاع غزّة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، مُوضحاً أن كيان العدو يخوض الحرب كعنوان على غزة لكن هذه الحرب لها أبعاد أكثر عمقا وأهمية ولم تأخذ حقها من الشرح والتوضيح.
المذيعة: ثلاثة وأربعين يوما من معركة طوفان الأقصى فيها الكثير من المستجدات يوميا في كل لحظة وفي كل دقيقة وفي كل يوم وبعد متابعتكم للمشهدية لمدة ثلاثة وأربعين يوما إلى أي حد أصبح اليوم مكشوفا واتضحت الرؤية بأن هذه الحرب لم تكن إسرائيلية هذه الحرب من الأساس هي حرب أمريكية بيد أمريكية بسلاح أمريكي بتخطيط أمريكي.
الضيف: طبعا قراءة خلفية هذا الحرب على غزة يساعد كثيرا في فهم المسارات التي تتحرك فيها هذه الحرب منذ ثلاثة وأريبعين يوما. من وجهة نظري أن كيان العدو يخوض الحرب كعنوان على غزة لكن هذه الحرب من وجهة نظري لها أبعاد أكثر عمقا وأهمية ولم تأخذ حقها من الشرح والتوضيح.
نحن عندما نقول الولايات المتحدة هي التي تقود الحرب الولايات المتحدة الأميركية هي اختصار واختزال للكثير من المفاهيم التي يجب أن نوضحها.
الولايات المتحدة الأميركية هي خلاصة هذه النزعة (الإمبريالية الاستعمارية التي تحاول وتعمل منذ أكثر منذ 500 عام على تغيير وجه الإنسان ووجه العالم وجه الحياة ككل. إذا الحرب الدائرة الآن في غزة تختصر الحرب بين الإنسان والآلة، غزة تمثل الإنسان، مقاتلو حماس القسام سرايا القدس الجهاد الإسلامي وشهداء المقاومة في غزة هم اختصار للإنسان بأبعاده في مواجهة الآلة. هذه مسألة ذات طابع حضاري، صورة مقاتل القسام التي يضع العبوة على برج الدبابة هو تلخيص لقضية ذات بعد فكري وذات بعد حضاري يمكن اختصارها بفكرة الإنسان والآلة، لمن الأولية للإنسان أو الآلة واحد، أيضا معركة غزة تتضمن تلخيص لصراع لديه بعد فكري وبعد فلسفي، الروح والمادة الذي يقاتل عند الفلسطيني هي الروح بما تضم وبما تنطوي عليه من ابعاد متجاوزة للمرئي والمحسوس بالمعنى الفلسفي، الروح بما هي جوهر الحياة والعالم بما هي تواصل مع الغيب هي التي تقاتل، بينما الجهة الأخرى المادة، الملموس، المحسوس، الطائرة، المادة الآلة، المدرعة، المادة الآلة هي التي نتقاتل في مواجهة الروح وهذا صراع يختصر الاختلاف البيّن بين حضارة وبين مركز جديد للعالم يريد أن يلغي الحصارات ويريد أن يلغي الهويات. أيضا هو صراع بين الفقراء والأغنياء، هذه الحرب بامتداداتها وأعماقها هي معركة الفقراء ضد الأغنياء الفقراء.
الأغنياء من هم؟ في بعض الإحصاءات القديمة هناك حولي 328 شخص يملكون 95% أو 98% من ثروات البشرية نحن نتحدث عن الفقراء بالتعبير الاقتصادي الدولي والأغنياء، بالتعبير الاقتصادي الدولي الشركات القابضة على العالم في المركز في المحور الذي تمثل الولايات المتحدة الأميركية مساحته الجغرافية إذا عندما نرى تظاهرات في أي مكان في العالم من افريقيا إلى أميركا اللاتينية إلى آسيا إلى أوروبا نحن نتحدث عن من يناصر الإنسان في مقابل الآلة ومن يناصر الروح في مقابل المادة ومن يناصر المنهوبين والمسروقين والمستغلة ثرواتهم والمستغلة ثرواتهم لحساب المستثمرين المستغلين المسيطرين الذين نرخصهم بالمستضعفين ضد المستكبرين. إذا قضية غزة قضية حضارة في مواجهة همجية. المركز الغربي بما هو شركات وحكومات وخدام لهذه الشركات والحكومات من (مثقفين وأكاديميين) يخدمون هذا المركز ويعممون أمركة العالم تحت عنوان العولمة. هؤلاء في كفة وسائر الحضارات والهويات التي هي موضوع إلغاء في كفة أخرى.
فلسفة الغرب تجاه العالم (الغرب المركز) هو ما يتم تطبيقه الآن في غزة، كل من يمثل الإنسان والروح وكل من يرفض الاستغلال ويرفض الاستثمار فيه وبموارده يجب إلغاؤه وشطبه. النموذج الفلسطيني نموذج فريد في العالم من حيث المواجهة والمقاومة ولكن من حيث الاستهداف هو نموذج كتير التكرار، بمعنى الغرب كما ألغى حضارات الأزتيك في أميركا عندما (حتى في كتب المدرسة دُرس اكتشاف أميركا، نحن نتحدث عن قارة أميركا وكأن كولومبوس أو الإسبان في وقتها اخترعوا قارة وعمروها من العدم) قارة أميركا كانت موجودة وفيها حضارات، هو احتلال تلك القارة وليس اكتشاف تلك القارة هو استعمار تلك القارة وليس اكتشاف تلك القارة والقضاء على حضاراتها وعلى هويتها المميِزة و جلب المستعمرين الأوروبيين في ذلك الوقت اسبان وبرتغاليين وبلجيكيين وهولنديين وفرنسيين وبريطانيين واستيطان أرض تلك القارة وليس اكتشاف تلك القارة، هو احتلال عرقي بحق سكانها الأصليين، نفس النموذج في فلسطين، لماذا نقول وحدة الثقافة ووحدة الخلفية ووحدة المنهج، أفريقيا وتهجير عشرات الملايين استعباد عشرات الملايين من الأفارقة وتدمير هويتهم وحضارتهم وتهجيرهم بالقوة لكي يتم استثمارهم في القارة المحتلة وهي أميركا على أساس قصب السكر والتبغ والصناعة والزراعة وغيره، عبيد، من الذي دمّر العالم؟ هذا نفس النموذج، لكن الذي طبّق في 48 بحق الشعب الفلسطيني مع فارق، أنهم لم يتمكنوا من إلغاء الهوية الفلسطينية التي لا تزال تقاتل.
إذا ما أحاول قوله هناك جانب حضاري، هناك جانب كوني للحرب الدائرة في غزة. كيان العدو العارض والمؤقت الذي هم اخترعوه وأسموه إسرائيل واخترعوا له نمط معيّن هو مجرّد مخلب وأداة لهذه المركزية الغربية التي لا تريد أن يبقى على سطح هذا الكوكب أي تمايز إنساني أي تمايز روحاني لهذا يمكن أن نقول إنه أيضا صراع القيم في مواجهة الوثنية الجديدة لأن الغرب ليس مسيحيا، الغرب وثني بكل ما تعنيه الوثنية من معنى، هذا الصراع الذي تقوده غزة وعلى أساس هذا المفهوم يجب أن نفهم النتائج. بكل وضوح وبكل بساطة الدين الوحيد الذي لا يزال يدافع من أجل الإنسان في مواجهة الآلة والروح في مواجهة المادة والفقراء في مواجهة الأغنياء هو الإسلام. لذلك هذه المعركة في بعد من أبعادها تتعلق بإعادة المسلمين لأنفسهم وإعادة تعريف موقعهم في هذا العالم وإعادة تحديد هويتهم الحضارية، لذلك عندما نتحدث عن المقاطعة وهو أمر مهم جدا، نحن نتحدث عن بعد له علاقة بتعريف الهوية، بأي مفهوم؟ بأن الإسلام لا يقبل بأن يتحول الإنسان إلى حيوان مستهلك كما يريده الغرب. الإسلام يريد للإنسان أن يكون حيوان ناطق عاقل منتج بالتعريف الأرسطي. هذا هو المفهوم الذي ينبغي أن ننظر من خلاله إلى الحرب التي يخوضها الشعب الفلسطيني، ولكن ما نريد قوله إن المسلمين أمامهم فرصة (المسلمين كعقيدة) وليست النظم لأن حكام الخليج وحكام الدول العربية جملة ينتمون إلى عالم المركز، هم مسحوقون امامه ثقافيا وحضاريا وفكريا والذين ينتمون إلى عالم المادة لا عالم الروح وينتمون إلى عالم الآلة لا عالم الإنسان وإلا كيف نفهم موسم الرياض. هذا سياق حضاري يجب أن ينقسم لا على أساس اللغة ولا الهوية الموروثة منذ الولادة على الأساس الإنتماء العقائدي. لماذا قال الإمام الخميني الإسلام الأميركي في مواجهة الإسلام المحمدي الأصيل؟ لأن من يتلبس بزي الإسلام ثم يتحرك بمضمون أميركا هو غشاء وغطاء لعالم المادة في مقابل عالم الروح وعالم الآلة في مقابل عالم الإنسان. وعليه المقاطعة والتظاهر والقتال فهو إعادة تعريف لموقع الإسلام من هذا العالم وسيتأكد هذا الموقع بعد نهاية هذه الحرب رغم كل الذي يتحدثون به الآن.
المذيعة: يعني هي ليست فرصة فقط للتخلص من العدوان، يمكن أيضا استغلال هذه الأيام.
الضيف: هو ليس استغلال هو النتاج الطبيعي، لأن الخطاب الذي انطلقت منه المقاومة في غزة والذي تتبناه يوميا في بيناتها من خلال ناطقها العسكري هو هذا المعنى وإلا كيف نفهم هذا السقوط المريع. وسأضعهم كأسئلة، أين القانون الدولي؟ أين المنظمات الأممية أولا منظمة الأمم المتحدة وما يتفرع عنها؟ أين المنظمات (الإنسانية) أين الجامعة العربية أين الأكاديميات؟ لماذا انهارت؟ أين الإعلام أين الجامعيين أين الفلاسفة؟ لماذا انخرط هؤلاء جملة في مفهوم العداء الفلسطيني؟ ولماذا أصبحت منظومة المنظمات الإنسانية التي تهتم بالصحة مثل الصليب الأحمر الدولي مثلا، يصدر عنها بيانات غريبة عجيبة. لأن النظام القائم في هذا العالم قائم على أساس التفوق المركزي الغربي وهذه الأقنعة التي تريد أن تظهرنا كفقراء وتظهرهم كمحسنين ترضي نزعة التفوق للمركزية الغربية ولا يريدون لنا أن يكونوا هم محتلين ومستثمرين ومستعمرين ومسيطرين ونحن مقاومين. الفكرة هنا يجب أن تركّز، هم يستأنسون بفكرة الأبيض الذي يمسك يد الطفل الأسود ويشربه الحليب ويتمظهرون بالأنسنة، أصلا هذا العنوان نفسه، عنوان الأنسنة يحتاج إلى مراجعة لها طابع ثقافي نقدي كبير، لأن في الكثير من ابعاده يغلف إلغاء الحضارات لصالح مفهوم محدد يفرضه الغرب على كل العالم، المعركة كبيرة جدا ولا تنتهي، بدأت في غزة ولكن لا ينبغي ولا يصح ولا يجوز أن تنتهي في حدود غزة أو ان تختصر في حدود غزة، غزة هي الاختزال أو الخلاصة لصراع حضاري مع هذا الغرب يجب أن لا ينتهي إلا باستنزافه ووضعه في موضع ثقافي واقتصادي محصور لصالح حق الإنسان في كل مكان في الحياة وليس الاستتباع للغرب القضية هذا حجمها.
المذيعة: يعني معركة حق وباطل كما ذكرت ومعركة بين الإنسان وبين الآلة. من الأساس فإذا شنّت هذه الحرب؟ هل فقط لما حصل في السابع من أكتوبر أم أنها كانت فرصة ينتظرها الأمريكي لكي يشن حربه على الإنسان؟
الضيف: الجواب سنضعه بصيغة سؤال. طبعا أميركا هي الراعي لكل هذا الفجور ويجب أن نتذكر مرة أخرى الإمام الخميني، دائما يجب ان نلتفت إلى هذا البعد الشيطان الأكبر، لماذا؟ لأن إذا افترضنا أنه في ثقافتنا الإسلامية القرآنية الشيطان هو اختصار وتلخيص عن الشر المضاد لمعنى الإنسانية والسجود والطاعة والالتزام بالأمر الإلهي فأكبر من يلغي أنسنة الإنسان وروح الإنسان هو الولايات المتحدة الأميركية وهي بهذا العنوان تخوض كل حروبها من كوبا فيتنام وكمبوديا ولبنان والصومال وفلسطين وأفريقيا والعراق وسوريا وحصار إيران واليمن، لا يمكننا أن نحصي. إذا لماذا بدأت الحرب؟ لأن نظام العالم مختل. الفلسطيني عندما دافع عن نفسه في السابع من أكتوبر كان يقول لنا جميعا نحن الذين ربما اعتدنا أن العالم يتحرك بهذا الشكل وبأن هذا واقع مختل وأن هذا نظام أعرج. لماذا شنّت هذه الحرب لأن هذا الواقع الإنساني المزري تسببت به أميركا وأشباه إسرائيل من الذين صنعتهم أميركا. إذًا ماذا كان يملك الفلسطيني من خيار؟ لو فرضنا أن كتائب القسام لم تخض معركة طوفان الأقصى هل سيكون الإسرائيلي حمل وديع؟ كان يعد الأيام ليصفي غزة، ليس لأن الإسرائيلي يريد ذلك فقط لأن الأميركي يريد ذلك. إذا لسنا بالخيار أمام السلام والاستقرار وبين القتال، لا لا نحن بين خيارين إما أن يقتلنا العدو ونحن نقاتل وإما أن يقتلنا العدو ونحن ننتظر الإعدام بحقنا، الشعب الفلسطيني الشعب اليمني الشعب العراقي، اخترنا أن نستخدم سلاح الموت لنبقى فاخترنا القتال واخترنا أن نتمسك بهويتنا الحضارية ونبقى على خارطة الجغرافيا وفي سياق التاريخ وصناعة التاريخ وألا ننتظر أن يلغينا العدو كما ألغى من سبقنا من حضارات سابقة باختصار هذا هو الخيار. لذلك كانت عملية طوفان الأقصى أما الأمريكي والإسرائيلي فهدوءك وسكونك والتزامك وطاعتك بما يمليه يغريه بأن يطلب المزيد حتى يصل لإلغائك، وبالتالي هو يسير في سياقه، هويته وماهيته طبيعته ومكونه الأساسي هو إلغاء الآخر أيا كان موقف هذا الآخر، يعني عبيد أميركا لن ترضى بهم إلا إذا هضمتهم وإلا لا تعترف بهم أميركا. غزة الآن هي مصدر إلهام لكل من يريد أن يقاتل وأن يتمرد ضد هذه المادية القذرة وضد هذه الوثنية البشعة وضد هذا الاستكبار والتعالي وإلغاء الآخر لمصلحة ذات متمركزة حول الثروة والاستهلاك، غزة تمثّل هذا كله وبالتالي العالم كله معني ان يقاتل إلى جانب غزة، هذه المعركة وإلا لنرى كل المؤسسات التي قامت بعد الحرب العالمية الثالثة ، إنه الشعوب التي ينطبق عليها التعريفات التي ذكرناها كلها كانت ولا تزال وستبقى إلى جانب الفلسطيني في حقوقه لأن شعوب العالم تعرف أن كل واحد منا من موقعه وفي موقعه هو فلسطيني ولكن أميركا والغرب صنفوا واحد واثنان و ثلاثة وأربعة وخمسة على لائحة الإعدام، أصلا بهذا السياق حصلت الحرب ضد روسيا على أرض أكرانيا وبهذا السياق تحصل بتايوان بغض النظر إذا كنا نوافق أو لا نوافق على التمثلات والسياقات التي تمشي فيها روسيا والصين، لا يحتاج إلى نقاش، لكن بالمبدأ هذا الغرب لن يقبل حتى لو أحد يشبهه ب 70% لن يقبل ب 90% يتفق مع بالأشياء و 10% يختلف معه ممنوع، أمركة العالم لا تستثني أحد بمعنى الإخضاع. غزة الآن هي ملهم لكل من يرفض هذه المركزة وهذا الاستكبار، كيف يرضى الإنسان لنفسه أن يكون كم مهمَل وبهذا المعنى أيضا تفهمي، بأي سياق التي هي كانت ستكون ستكون وهذه الدماء ومعناها البعيد المدى جدا على المستوى الإنساني والحضاري. في بعض الأرقام هناك 132 مليون إنسان بالحد الأدنى ساقتهم أميركا واستعبدتهم على مدى مئات السنين من أفريقيا. ماذا فعلت أمريكا؟ نحن نتحث اليوم عن 10 آلاف بريء فلسطيني تم اغتيالهم بالسلاح الأميركي والآلة الأميركية والفجور الأميركي وهناك مثلهم عشرات الملايين في أفريقيا وأميركا اللاتينية، ماذا فعل هؤلاء لأميركا؟ قاموا بطوفان الأقصى؟ لا عندما وصل المستعمرين على بعض المستعمرات في أفريقيا وأميركا اللاتينية استقبلهم أهل الأرض كضيوف فقتلوهم.
المذيعة: كيف تنظر أمريكا إلى الإسرائيلي نفسه؟
الضيف: الإسرائيلي هو آلة من آلات الغرب، أميركا كيان مصنوع، هي مشروعات استيطانية تشبه إسرائيل. صنّع هذا المركز الغربي الباحث عن الثروة بشكل حيواني، صنّع هذه الأدوات ليقمع العالم. لماذا حصلت الحرب العالمية الأولى والثانية؟ هو صراع الغرب والمستعمرين بين بعضهم على ماذا؟ على النفوذ والثروات والسيطرة على البشر. ملايين البشر قتلوا لأن آلة السلطة في الغرب لا يفرق عندها أنت ألماني أو أنت فلسطيني أو غيره. هناك العديد من الناس فرحين بأميركا بالحرب الموجودة بغزة بمعزل عن أي نتائج لأنهم يبيعوا سلاح. إصرار أميركا على استمرار هذه الحرب له أهداف كثيرة، واحد منها هذا.
المذيعة: كيف تستمع أمريكا إلى دعوات السلام؟
الضيف: لنفهم أولا ما السلام؟ نلاحظ الآن بعض المفكرين الغربيين يتحدثون عن الأنسنة. أنه الإنسان يجب ألا يكره الإنسان وأن هذا الصراع في غزة ينبغي ألا يولد الكره، فهمتي الفكرة؟ ولكن هذا ينطلي على الكثير من الناس، هل لديكي الجرأة على تبني مفهوم الكره؟ صعب لأن الكره بنظر التصنيفات هو شعور سلبي، ولكن تصوير الصراع على أنه إنسا ضد إنسان وينبغي ألا يولد الكره هذا نمط من أنماط الاختزال الثقافي. الصحيح أنه هناك معتدي ومعتدى عليه.
المذيعة: إذا كيف قرأت دعوة المنظمات الحقوقية والإنسانية؟
الضيف: ولكن قبل يجب أن أقول هذا المفهوم الغربي للسلام، أنت (شحادين ونحن نشحدكم) نحن مركز وأنت توابع، أي سلام من يرضى بهذا المعنى من السلام؟ السلام الذي يقبل بأن يبقى العبد عبدا (السيد والعبد) وبدون أن يعود لصاحب الحق حقه هذا ليس سلام هذا استسلام.
المذيعة: لم يكن مستغربا الموقف الفرنسي من العدوان على غزة، هل كانت مستغربة المواقف العربية أو بعض المواقف العربية من العدوان؟
الضيف: منظومة الأمم المتحدة هي نتيجة حقائق القوة التي نتجت عن الحرب العالمية الثانية ثم لاحقا الحرب الباردة ثم لاحقا انهيار الإتحاد السوفياتي وواقع العالم المختل، كذلك النظام العربي الرسمي، ما هو النظام العربي الرسمي؟ الجامعة العربي ما هي؟ منتج بريطاني مثل إسرائيل منتج بريطاني. ما هي مكونات الجامعة العربية؟ الجامعة العربية من فيها؟ الدول العربية. ما هو عددهم؟ من هم ملوكهم؟ أمراؤهم؟ رؤسائهم؟ الجامعة العربية كان لديها وقاحة أن تطرد سوريا المؤسس، ليس لديها القدرة أن تفتح معبر رفح، لا هي ولا معها كل الدول الإسلامية، رأيت رئيس جيبوتي يتكلم للمفارقة بعد الرئيس الإيراني، رئيس جيبوتي يحضر بالقمة العربية الإسلامية لكي يحكي عن غزة ودعم غزة ، وبلاده فيها قواعد عسكرية إسرائيلية، والثاني الذي دعاه بلاده فيها قواعد عسكرية أميركية، والثالث الذي يدين حماس مطاراته تنقل سلاح يوميا للإسرائيل. من هم هؤلاء؟
هؤلاء أدوات المركز المستكبر المهيمن لإخضاعنا نحن الشعوب الرافضة لهذا الاستتباع والهيمنة. في العام 1969 كان هناك قمة في الرباط، اكتشفوا أن ملك المغرب وضع أجهزة تنصّت ليعطي خلاصة الجلسة لإسرائيل، أليس هذا ما كُتب في التاريخ بالمصادر الإسرائيلية والعربية أن الملك حسين ذهب عمد غولدا مائيير ليقول لها إنتبهي فمصر وسوريا يفكرون بشن حرب في 1973. أي نظام عربي؟ أي جامعة عربية؟ ماذا فعلت لسوريا؟ طردتها. ماذا فعلت للعراق؟ غطّت احتلاله. ماذا فعلت للبنان بالعام 2006؟ هذه أدوات مستتبعة.
السيد رئيسي فضحهم، قال لنأخذ قرار بتسليح غزة. وهم يقولوا أن مشكلتهم مع حماس هي أن سلاحها إسرائيلي. جاء الرئيس الإراني وقال لهم سلحوها أنتم.
ما هو المعادل الإستراتيجي لهذا الواقع المختَل؟ كيف يمكننا أن نغيّر هذا الخلل ونخلق توازن. نحن لا نملك آلة، نملك الروح، في مقابل كل هذه التكنولوجيا الطاغية ومنطق الآلة لا نملك إلا الإستشهاد، ما هو الذي يوازن الإنسان مقابل الآلة والروح بمقابل المادة؟ تحويل الموت إلى سلاح و إلا سيبقى التوازن مختل؟ ما هو الموت؟ الآن نحن صورة المأساة الكبرى في غزة هي صورة قتل الأطفال وقتل النساء وقتل الأبرياء والمدنيين هي الموت.
المذيعة: هل السيناريو الذي اخترعوا أميركا ونفذته إسرائيل أخيرا في مستشفى الشفاء؟ هل هي إشارات لإنهاء هذه الحرب ربما؟ باعتبار أنهم فازوا أمام مستوطنيهم الصهاينة وبالتالي أقنعوا مستوطنيهم أو حتى ربما الشعوب اللي هي ممكن أن تستمع إليهم؟
الضيف: لا نريد أن نرجع السؤال إلى هنا. أولا هذه الحرب لا تنتهي ولن تنتهي إلا بنتيجة واحدة. أن تزول إسرائيل من الوجود حضاريا، وأن تنسحب أميركا من استكبارها واستغلالها لبلادنا. هذه الحرب، لأن هذه الحرب حضارية، ما يجري الآن في غزة هو مكون من مكوّنات هذه الحرب.
المذيعة: نحن الآن نتابع على الهواء الخروج الشعبوي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضا في صنعاء اليوم في اليمن، في لبنان، هناك شعوب لن تسكت، ولكن المشهد الغربي، مشهد الرأي العام الغربي، كم كان مؤثر وكم يضر بأمريكا وبالعدو الصهيوني؟ كيف ستستطيع أميركا أن تلملم نفسها أمام الرأي العام الذي هو خرج أيضا لينصر فلسطين؟
الضيف: أولا لنصحح المفهوم من وجهة نظري. أي رأي عام؟ فكرة الرأي العام الغربي مبنية على فكرة أكبر منها هي الكذبة الغربية، قالوا لنا أنظروا إلى الديموقراطية، ما هي الديموقراطية؟ الديموقراطية هي أن السعب في الغرب يقرر حكومته من تكون وحكم الشعب للشعب بأدوات الشعب، عنوان مخيف، الديموقراطية كذبة من الكذابات التاريخية، شعب يستهلك المعرفة كما يستهلك الهامبرغر، وجامعاته تشبه المكدونالد، كذب ونفاق وأحادية في الرؤية وصوت واحد وبروباغاندا.في بريطانيا أقالوا نائب والذي هو من الشعب بسبب موقفه, وزيرة أقالوها مع أنها من المفترض أنها واصة, مين لديه الحق أن يحاكم نائب أو يحاكم وزير قادم بنتيجة انتخابات. المؤسسة الضمنية الغرب انكشف للمرة المليون ولكن المهم أن نحتفظ بالذاكرة ولا نصدق شعاراته التافهة, عندما يريد أن يسوق السيطرة بعناوين الأنسنة, وهذا ما أشار له السيد عبدالملك في كلمته الأخيرة وهو محق, لماذا؟ لأن عناوين الأنسنة وثقافة السلام والحياة وإلى آخره هي عقاقير لتعقيم (من عقم) عقلنا المعرفي عن انتاج ثقافة مواجهة.
المذيعة: نتائج هذه الحرب ما بعد معركة طوفان الأقصى، لأنه ستنتهي هذه المعركة والنصر محتوم كما ذكرنا لأنه دائما ينتصر الحق على الباطل وتنتصر هذه النفس والروح على الآلة حتما وهذا ما شهدناه في الكثير من بلداننا ولا ننظر الآن حينما نتحدث غزة التي انتصرت أصلا في الكثير من المرات. موضوع المقاطعة
الضيف: تريدين ان تتكلمين عن النصر؟ أولا لنتفق قبل الذهاب إلى المقاطعة لأن هاذين أمرين.
أولا لنتكلم عن النصر، لنحدد مفهومه. أنا لماذا قلت لك يجب أن نفهم السياق الكبير؟ لنصل للنتيجة. كيف نحدد نتائج النصر؟ القضية الآن ليست قضية مستشفى الشفاء رغم قيمة مستشفى الشفاء ورغم سفالة الغرب الذي يهاجم, لكي لا نقول أميركا وننسى بريطانيا ولا نقول بريطانيا وننسى فرنسا, المستشار الألماني ضد وقف إطلاق النار حتى لهدنة إنسانية, لما هو متوحش إلى هذا الحد؟ هذه هي صورتهم الحقيقية. إذا النتيجة والنصر لا يمكننا ان نراه بالإجرائي وبالأمور المحدودة التي يحددها العدو ويجعلها مؤشرات لنتائج المعركة أو لبداية المعركة. بالحديث عن غزة يجب أن نسأل من الذي أملى إرادته؟ أليست هذه هي الحرب؟ هل تستطيع أميركا والغرب أن تلغي إرادة القتال عند الفلسطيني؟ لا، أن تلغي تشكيله وتنظيمه القتالي في الميدان؟ لا، هل تستطيع أن تملي عليه إرادتها السياسية؟ لا، هل تستطيع أن تملي عليه نتيجتها الحضارية بأن لا تبقى حركة المقاومة الإسلامية حماس -إسلامية- وألا يبقى الجهاد الإسلامي -إسلامي- وألا يبقى حزب الله -إسلامي- هل تستطيع أميركا ان تفعل ذلك بمعنى الهوية الحقيقية للصراع؟ لا، إذا النتيجة انحسمت، والآن يبقى أن يتم تثبيت هذه النتائج في الميدان وستثبت في الميدان وتبقى الهوية الحضارية، لأنه ليس العدو من يحدد النصر وليس حجم التضحيات لأنه أصلا نتائج الكبرى في هذا الحجم تحتاج تضحيات كبرى بهذا الحجم. الفلسطيني بالنسبة لهذه المنظومة العالمية أن يروا المشكلة لا مانع من شطبه، لا مانع من إلغاؤه. هم يريدوا من الفلسطيني من أجل أن يحفظ حياته ينهي حياته، هذه المعادلة التي يقدمها لنا، أنه حتى تعيش يجب أن تموت، أي معادلة هذه، أنه أنت لا تقاتل، إذا قاتلت تموت ونحن نقتلك، هي هكذا الصورة. نحن بنظر الغرب قتلى مؤجل تاريخ اعدامنا. مادام هذا حكمك صدر؟ سنذهب لنقاتل، ميّت ميّت، وعلى كل حال ليس هناك مشكلة لأن الحياة هي بنظرتنا نحن هي كعشية وضحاها هذا منطق القرآن, بمفهومنا الدنيا هي مزرعة الآخرة, هذه ثقافتنا لا يمكنك أن تشطبنا وتفعل لنا تتجين وتقول لنا لا, هذا الصراع وهذا المنطق. إن كان هذا هو الموت الحتمي فأهلا بهذا الموت لأجل الحياة، أفضل للآتين.
المذيعة: وهذا ما حصل مع شهدائنا الذين حققوا الانتصارات في بلداننا. بالتالي هذا المشاهد التي نشاهدها الآن أستاذ حسن في اليمن الوفاء اليمني والوفاء الإيراني.
اليمن خاض نفس الحرب، نفسها، وماذا فعل الآن؟ الآن يذل هذا العدو. الآن عندما يقول السيد عبد الملك نترصدكم في باب المندب، هو يهدد الإسرائيلي فقط؟ يهدد الأميركي فقط؟ هو يهدد الناتو والغطرسة الغربية، لأننا نعرف البحر الأحمر لمصلحة من وباب المندب لمصلحة من. من أين أتى بهذه القوة؟ من القيمة القرآنية التي تعطي أولوية المبدأ للروح على المادة والمصلحة. هذه ثقافة؟، هذه معركة حضارة. السيد عبد الملك عندما قال نهدد وندعم ونقف إلى جانب فلسطين والقضية الفلسطينية ضد أعدائها أنه نحنا رفعنا شعار الله أكبر الموت لأميركا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود والنصر للإسلام. ما معنى أن تبدأ هذا الشعار بالله أكبر؟ السيد حسين رضوان الله عليه لم يكن يصفّ كلمات، الله أكبر، أكبر من أميركا، أكبر من الغرب أكبر من المادة أكبر من التسليح أكبر من البوارج أكبر من المال أكبر من الطائرات، أكبر من غطرسة الغرب ولأننا نؤمن بأن الله أكبر من كل هؤلاء، الموت لأميركا. لو لم نبتدأ بكلمة الله أكبر لم نتمكن من هزيمة أميركا. ثم عندما تؤمن بأنه الله أكبر وتقاتل أميركا بما تمثّل وتميت مصالحها وغطرستها وكذلك هذا الكيان اللقيط، يكون النتيجة النصر للإسلام. لا يمكن ان تصل إلى نصر بالإسلام بما هو قيمة ودين إلا عندما تنطلق من الله أكبر. الله أكبر من الشيطان الأكبر. وبالتالي هذا الشعب الذي أيضا هزم أميركا وكل غطرسة أدواتها عندما أرسلوا عاصفة الحزم (وللمفارقة لم يستطيعوا أن يفتحوا معبر رفح جماعة عاصفة الحزم) ليس لديكم أمن قومي عربي على معبر رفح؟ لا تستطيعوا إدخال ليتر مياه؟ لا تستطيعوا إدخال حفاضات؟ أين الأمن القومي العربي؟ لماذا كنتوا وحوش؟ لأن أميركا تريدكم كذلك هناك وقالت لكم أعلنوا الحرب من واشنطن. هذا حجمكم. من الجيد ان يرى الجميع، كل الذين لا يفهمون من هم أنصار الله باليمن أن بروا هذه الصورة ويصنعوا هذه المعادلة، نفس القمة العربية اجتمعت ضد اليمن، كانوا أبطال بالعام 2015 والمنظمات الإسلامية وكانوا أبطال، كعبة ومدينة والدفاع عن أرض الحرمين وعن خادم الشرشفين، أينكم من غزة الآن؟ لتعرفوا أحقية اليمن من وقتها الذي حاربوه لأجل أن يقاتل إلى جانب فلسطين، هزمكم وهو الآن يقاتل إلى جانب فلسطين. هذا اليمن، هذا الشعب قدّم دم على مدى 9 سنوات، حوصر على مدى 9 سنوات، حرم من حقوقه وموارده المالية ورواتبه على مدى 9 سنوات، لماذا؟ من أجل فلسطين. نحن كنا نقول ذلك من وقتها أنه لأجل فلسطين والآن ظهر من صاروخه ذاهب إلى إيلات ومن الباتريوت له يحمي إيلات.
مفهوم النصر، اليمن نموذج لمفهوم النصر، إرادة من التي أمليت على من؟ ومسار من الذي كمّل؟ مسار ثورة سبتمبر 2014 التي يقودها السيد عبد الملك كان ولا يزال منتصر بدليل أن سلاح اليمن اليوم بخدمة فلسطين.