تطور العلاقة بين الأدب وكرة القدم: خلق الهوية وسرد القصة
أصبح من المألوف أن تجد في مكتبات محبي القراءة كتبًا مضمونها الأساسي كرة القدم. ربما لا يحب كل القراء كرة القدم، لكنهم حتمًا وجدوا في تلك الكتب عالمًا يعج بالقصص والمشاعر والأحداث التي تستحق أن تُروى وتُقرأ
هناك قصة قصيرة كتبها الأرجنتيني «فنتاناروسا» تحكي عن العالم بعيون جناح أيمن متقاعد، رجل ساخر، كثير الكلام والمبالغة، ولا يرى حقيقة مطلقة في الدنيا إلا كرة القدم.أدبيًا يمكننا استبدال لاعب الكرة هذا بأي شخص آخر وستكتمل القصة، لكن ما يجعل الأمر ساحرًا أن رؤية العالم بعيون لاعب الكرة ممتعة أكثر من غيره. هذا العالم الساحر المليء بالقصص والمشاعر والبكاء والجنون هو مادة دسمة للأدب.
هكذا تعددت أشكال الكتب التي تتناول كرة القدم. هناك روايات حظيت بشهرة عالمية وقصص قصيرة بأقلام أهم الكتاب وأشهرهم، وكتب ترصد كرة القدم من زوايا إقتصادية وإجتماعية وتاريخية ومؤخرًا انتشرت السير الذاتية للاعبي كرة القدم بشكل أدبي. كل تلك الكتابات كونت لنا ما يعرف بأدب كرة القدم.
لم يكن الأمر كذلك على الدوام، فقبل ثلاثين عامًا رفضت رواية «Fever pitch» الإنجليزية الشهيرة من قبل الناشرين لأنهم اعتقدوا أن كتابًا عن كرة القدم لن يبيع أبدًا. اعتقدوا أن كرة القدم مناسبة للملاعب حيث يصرخ الجماهير في جنون بينما هدوء القراء لا يناسب ضجة كرة القدم، لكن الرواية أثبتت خطأ معتقدهم.
مرت علاقة كرة القدم بالأدب بمنحنيات كثيرة، إلا أنه ومع الوقت أدرك الجميع أن تلك الثنائية حتمًا كانت ستلتقي. نحن هنا في محاولة لتناول ثنائية الأدب وكرة القدم بشكل من التفصيل، كيف بدأ الأمر ولماذا نجح في أسر عقول الملايين.
تطور العلاقة: خلق الهوية وسرد القصة
لنكن منصفين يجب علينا الاعتراف بأن السبب في تطور ثنائية كرة القدم والأدب، وظهرها بشكلها الساحر هو الأدب اللاتيني؛ نظرًا لأن كرة القدم ذاتها كانت ذات أهمية متزايدة في تلك البلاد.
ساعدت كرة القدم في إنشاء هوية وطنية لعديد من تلك البلاد. لذا يمكنك ببساطة أن تجد في مؤلفات كتاب أمريكا الجنوبية التي تتناول كرة القدم أحاديث عن الهوية الوطنية والعرق والجنس والعنف والسياسة.
وبعيدًا عن رمزية كرة القدم في مجال الأدب، تمتاز تلك اللعبة أنها قادرة دومًا في أحداثها على سرد القصة وهو ما يتماس بالطبع مع الأدب ويقدم له فرصة للكتابة والوصف.
إلى هؤلاء المحبين للأدب تعدكم كرة القدم أنها تضمن لكم وجبة دسمة من حيث الأحداث والمتعة والأبعاد الإنسانية، وهؤلاء محبي كرة القدم لن تجدوا أبلغ من الأدب ليصف ما تشعرون به من جنون وعشق وغضب وإنكسار.