عامان من الإبادة.. غزة تحت وابل القصف والسياسة الممنهجة
منذ اللحظات الأولى لعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الفين وثلاثة وعشرين، دخلت غزة مرحلة جديدة من الرعب، ولم تكن الضربات الإسرائيلية مجرد ردّ عسكري، بل إعلان عن سياسة إبادة ممنهجة، تستهدف تدمير المدن وتهجير سكانها.
منذ صباح الثامن من أكتوبر، انطلقت عشرات الغارات على مفترق الترنس في مخيم جباليا فدُمرت خمس بنايات سكنية، وتجاوز عدد الشهداء والمصابين 250 مواطناً، واعتُبر العشرات مفقودين.
كان يُقال إن الهدف استهداف جنود أسرى، لكن ما تبع ذلك كشف أن تلك الحادثة لم تكن استثناء، بل نذير لما سيأتي لاحقًا.
خلال الحروب السابقة، كانت المجازر الكبرى ترتبط بأهداف محدّدة، أما في هذه الحرب، فالمجزرة أصبحت قاعدة تتكرّر يوميًا وتتّخذ شكل تدمير منازل مأهولة بالناس الأبرياء.
العدو لم يكتفِ بالقنابل التقليدية فقط؛ بل استخدم أدوات قتالية غير مسبوقة، من بينها طائرات كوادكابتر المسيرة التي تطلق النار وتفجّر نفسها، وعربات مفخخة مورَّدة عن بعد، محشوة بخمسة أطنان متفجرات تُفعَّل في الأحياء السكنية، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور والفيديوهات، وتتبع مستخدمي شرائح هواتف مهربة، واستهداف عائلاتهم بلا تمحيص.
واليوم، تجاوز عدد الضحايا 67 ألف شهيد، من بينهم نحو 18,600 طفل، و12,400 امرأة، و4,412 مسنًّا، كما تضرّر أكثر من 170 ألف مصاب.
على مدار سبعمائة وثلاثين يومًا، تحوّلت المدن إلى أنقاض، وتبدلت حياة 2.4 مليون فلسطيني إلى مأساة مستمرة، وبينما يفقد النظام الصحي القدرة على الاستيعاب، يعاني النازحون نقصًا كارثيًا في الماء والغذاء والدواء.
و رغم الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، تستمر آلة القتل، بقصف النازحين في خيامهم، وتدمير المنازل.