انقسام القيادة الإسرائيلية يتعمّق: ضبابية الأهداف تربك الكيان
في خضم العدوان المستمر على قطاع غزة، تكشف تحليلات إسرائيلية عن ثغرات خطيرة في إدارة جيش الاحتلال للعمليات، أبرزها غياب خطة انسحاب واضحة، وتبدد التقديرات الاستخباراتية حول الأسرى في ظل تصاعد المواجهات وتغيّر المعطيات الميدانية. واقع يعكس أزمة قيادة وسياسة داخلية، ويثير مخاوف من تداعيات عسكرية وإنسانية متفاقمة.
تتزايد الأصوات داخل الكيان الصهيوني المعارضة لمسار الحرب على غزة، والتي تحذر من أن الجيش يخوض أعمق توغل في مدينة غزة من دون خطة انسحاب تضمن مخرجاً منظماً أو استراتيجية لإدارة ما بعد الاحتلال.
المحلل في صحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنياع وصف الوضع بأنه غير مسبوق، مؤكداً أنّ التقديرات الاستخباراتية بشأن الأسرى فقدت صلاحيتها مع تسارع عمليات نقلهم من قبل حركة حماس بين مواقع فوق الأرض وتحتها، ما يجعل ضمان سلامتهم شبه مستحيل.
برنياع أشار أيضاً إلى أن التوتر بين المستويين السياسي والعسكري بلغ ذروته، حيث يخشى الضباط من التعبير عن اعتراضاتهم على سياسات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يراهن، وفق تعبيره، بشكل غير مسؤول على إدارة الحرب بسرعة ونتائج مضمونة، متجاهلاً التحذيرات المهنية. كما انتقد غياب استعداد الاحتلال لإقامة إدارة مدنية أو عسكرية في غزة خلال العمليات، واصفاً ذلك بخلل استراتيجي بالغ الخطورة.
ومن جانبه، لفت المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هرئيل إلى التناقض بين إصرار نتنياهو على إنجاز سريع يرضي حساباته السياسية، وبين توجه رئيس الأركان إيال زامير نحو تقدم حذر لتقليل خسائر الجنود والمخاطر على حياة المخطوفين. وأكد هرئيل أن عمليات تحرير الأسرى لم تتم إلا عبر اتفاقيات تبادل، بينما فرص إنقاذهم بالقوة العسكرية تكاد تكون معدومة.
وتترافق هذه الأزمة مع ارتفاع التكاليف السياسية والاقتصادية للكيان، الذي يواجه اتهامات دولية متزايدة بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة. ويرى محللون أن نتنياهو يستند إلى درعين آخذين بالاهتراء: دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واستخدام تهمة معاداة السامية لإسكات الانتقادات، إلا أن فعاليتهما باتت محدودة أمام حجم الدمار والضحايا.
اذا تؤكد التحليلات الإسرائيلية أن الكيان الصهيوني يواجه فراغاً استراتيجياً في غزة: لا خطة انسحاب، ولا تصوّر لإدارة ما بعد الاحتلال، وتقديرات استخباراتية متآكلة، مقابل ضغط سياسي ودبلوماسي دولي متصاعد، كلها عوامل تضع الاحتلال أمام احتمالات فشل أمني وعسكري، وانعكاسات إنسانية كارثية في حال استمرار النهج الحالي بلا مراجعة.