اليمن يرسم معادلات جديدة: اليد الطولى تطال جغرافيا فلسطين المحتلة
مع العملية النوعية الجديدة تثبت اليمن انها قوة إقليمية تفرض حضورها على كامل الجغرافيا الفلسطينية المحتلة، فمن صواريخ باليستية إلى مسيرات محلية الصنع، تتوالى الضربات التي يعلن عنها العميد يحيى سريع، كاشفةً حجم التحول الاستراتيجي الذي يقلق مراكز القرار في تل أبيب ويدفع خبراءها للاعتراف بان اليد اليمنية باتت تطال كل شبر في فلسطين، وحرب الاستنزاف دخلت مرحلة لا عودة فيها.
من البحر إلى الجو، ومن الممرات الدولية إلى عمق فلسطين المحتلة.. اليد اليمنية تثبت يوماً بعد آخر أنها قادرة على تجاوز الحدود والجغرافيا، لتضرب الكيان في مواقعه الحساسة. آخر العمليات التي أعلن عنها العميد يحيى سريع أمس، لم تكن مجرد استهداف عابر، بل حلقة متصلة في حرب استنزافٍ متواصلة أربكت المنظومات الإسرائيلية، وأجبرت الخبراء والمراكز الصهيونية على الاعتراف: اليمنيون لا يتوقفون.
موقع ريسبونسبل استيتكرافت الأميركي وصف المشهد بوضوح: إسرائيل تخوض حرباً لا يمكن كسبها. فالقوة اليمنية التي برزت بعد حرب غزة لم تعد محصورة في محيطها، بل انتقلت لتصبح لاعباً إقليمياً وفاعلاً عالمياً، يتحكم بخطوط الملاحة الحيوية ويطلق صواريخه نحو تل أبيب، فارضاً معادلة ردع تتجاوز قدرات القصف الجوي أو الحلول العسكرية التقليدية.
ومع كل عملية يعلن عنها الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، يثبت اليمنيون أنهم يملكون استراتيجية طويلة النفس، عنوانها: استنزاف اقتصادي ونفسي متواصل للعدو. حتى الضربات الرمزية ـ كما يصفها المحللون الأميركيون ـ تحولت إلى مكاسب سياسية كبرى توحد الداخل اليمني وتضع الكيان في مأزق دائم.
أما داخل الأوساط الصهيونية، فالقلق يتضاعف. معهد "مشغاف" للأمن القومي والاستراتيجي أقرّ بأن اليمنيين باتوا ينتجون محلياً طائرات مسيرة تصل إلى العمق الإسرائيلي، بما فيها مطار رامون في أقصى الجنوب. المحللون حذّروا من أن هذه الهجمات لم تعد حوادث فردية، بل جزء من استراتيجية مدروسة لإبقاء الضغط قائماً، في وقت تعجز فيه القبة الحديدية والمنظومات الدفاعية عن اعتراض كل الأهداف.
التحليلات الصهيونية نفسها وصفت التطور بأنه "مفاجأة استراتيجية"، إذ إن قدرة صنعاء على التصنيع المحلي تقلل اعتمادها على الخارج، وتجعل الكيان تحت تهديد مستمر من سلاح لا يمكن توقعه أو تعطيله، في حرب مفتوحة الأمد.
اليوم، لم تعد تل أبيب أمام جبهة ثانوية يمكن احتواؤها.. بل أمام واقع جديد تؤكده كل عملية يمنية: اليد الطولى من صنعاء قادرة على بلوغ كامل جغرافيا فلسطين المحتلة، فيما العدو يقرّ بأن لا مخرج عسكري ولا مجال للتقليل من شأن الخطر اليمني المتصاعد.