10 أيلول , 2025

غزة تردّ على التهجير بمسيرة الأكفان: إما الصمود أو الشهادة

بين نار التهجير وقسوة المجازر، يجد الفلسطينيون في غزة أنفسهم أمام خيار وجودي. لكنّ المدينة المنكوبة لم ترفع الرايات البيضاء، بل خرجت في مسيرة الأكفان، معلنة أنها لن تغادر ارضها الا الى القبور.

مدينة بلا أبراج... بلا ماء... بلا طعام... بلا نوم ولا أمان. هكذا تبدو غزة اليوم بعد أكبر عملية تدمير ممنهجة منذ بداية الحرب.
أكثر من مليون إنسان تلقّوا أوامر بالإخلاء القسري، وبيوتهم تُسوّى بالأرض، والسماء تمطر نيرانًا. القصف لم يوفّر منزلًا ولا خيمة، ولا حتى الطرقات التي يسلكها النازحون سيرًا على الأقدام.
لكن وسط هذا المشهد القاتم، ارتفعت راية الحياة، أو بالأحرى: راية الصمود. مسيرة الأكفان"، خرجت في شوارع غزة، حاملين الأكفان على الأكتاف... لا إعلانًا للموت، بل تعبيرًا عن قرارٍ جماعي: إما البقاء على هذه الأرض... أو الرحيل إليها شهداء."
قرار اتخذه ابناء غزة، في وقت دمّر الاحتلال أكثر من 70 برجًا ومنزلًا خلال ساعات. وفي حي الكرامة، دفنت خمس عائلات تحت أنقاض منزل واحد، بينما تتكرر المجازر بحق خيام النازحين في غرب المدينة.
وفي الجنوب، حيث يُقال إنه "آمن"، نحو 800 ألف نازح يعيشون في ظروف مأساوية، بلا ماء، بلا كهرباء، ولا بنية تحتية. منطقة "المواصي"، التي حددها الاحتلال كمنطقة إنسانية، تعرضت لأكثر من 109 غارات جوية أسفرت عن 2000 شهيد، بينهم أطفال ونساء.
المشهد ينقلب: نزوح عكسي من الجنوب إلى المدينة المدمّرة، حيث عاد أكثر من 12 ألف نازح إلى بيوتهم رغم الخطر، لعدم وجود أدنى مقومات الحياة في الجنوب.
رغم المأساة، يتمسك أكثر من 1.2 مليون فلسطيني بالبقاء في غزة. بيان رسمي من المكتب الإعلامي في القطاع يؤكد أن الغالبية الساحقة ترفض النزوح، وتعتبره جريمة تهجير قسري وجريمة حرب.
من فوق الركام، يعلو صوت الحقيقة: غزة ليست مجرد مدينة، بل قصة شعبٍ يرفض الرحيل. وإن كانت الحياة تُغادر المكان، فإن الإرادة باقية، في غزة، تُحاصر الحياة... لكن سكانها اختاروا أن يكتبوا التاريخ من جديد، بدمائهم، بصمودهم، وبهتافهم: نموت هنا، ولا نُهجَّر هناك."

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen