جيش بلا جنود: حملة تجنيد تكشف أزمة وجودية داخل جيش الاحتلال
في خطوة غير مسبوقة، يطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة تجنيد طارئة تحت اسم مبتدئون من جديد، في محاولة لمواجهة نزيف بشري غير مسبوق داخل صفوفه، حملة بمثابة إعلان لحالة طوارئ صامتة في جيش يواجه حربًا على جبهات متعددة، وجمهورًا لم يعُد يريد القتال.
في سابقة تُعبّر عن عمق المأزق يعلن جيش الاحتلال الصهيوني حالة طوارئ داخلية، عبر حملة تجنيد طارئة تحت عنوان "مبتدئون من جديد"، في محاولة لاستدراك أزمة عميقة تعصف بصفوفه. إنها ليست مجرد حملة عسكرية، بل مؤشّر صارخ على مأزق يضرب بنية الجيش من الداخل، بينما يستعد لخوض واحدة من أوسع عمليات الاجتياح البري في قطاع غزة.
جيش الاحتلال يواجه ما وصفه مراقبون بأخطر أزماته منذ تأسيسه: انهيار في منظومة التجنيد الإلزامي، وتراجع لافت في القابلية للخدمة العسكرية، مع آلاف من المتخلّفين والرافضين للالتحاق بصفوفه، غالبيتهم من غير الحريديم.
أطلق الجيش حملة تهدف إلى استدعاء نحو 15 ألفاً من المتخلّفين، واضعاً أمامهم مهلة قصيرة، مدّعياً العفو الكامل عن مخالفاتهم، لكن مع تهديد صريح بالاعتقال لمن يتخلف. هذا التناقض بين الترغيب والترهيب يعكس حالة الاستنزاف التي يعيشها جيش الاحتلال، الذي بات عاجزًا عن تغطية النقص في الجبهات المشتعلة.
منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر 2023، يواجه الجيش معارك متزامنة في الجنوب والشمال، مع إيران وسوريا، وضمن خطة توسعية تهدف إلى احتلال مدينة غزة بالكامل، بمشاركة ما لا يقل عن 80 ألف جندي. ومع استمرار القتال، تشير التقديرات إلى عجز يتجاوز 12 ألف جندي، فيما تتساقط معنويات الجنود، ويزداد التهرّب، حتى من فئات كانت تاريخيًا ملتزمة بالخدمة.
المفارقة الأكبر أن الجيش بات يطرق أبواب الشتات اليهودي، خاصة في الولايات المتحدة وفرنسا، في محاولة لتجنيد شباب أجانب، بينما يفرّ مواطنو الداخل من المعركة. بل وصل الأمر إلى توسيع تجنيد النساء، وتقديم عروض خاصة للحريديم، بتشكيل وحدات منفصلة وفق معتقداتهم، في محاولة لاسترضائهم.
في ظل كل هذه المعطيات، يبدو أن جيش الاحتلال يواجه أزمة تجنيد هي في حقيقتها أزمة شرعية وقناعة، ما دفعه لإطلاق نداء استغاثة مقنّع تحت عنوان "مبتدئون من جديد". فبين واقع الاستنزاف وحلم السيطرة، يتكشّف المأزق: جيش بلا جنود، في حرب متعددة الجبهات، ومجتمع يزداد انقسامًا، حتى حول من يجب أن يحمل السلاح.