غزة في مرمى خطة الاحتلال.. تصعيد بلا أفق وردود فعل دولية غاضبة
بينما يواجه الاحتلال الإسرائيلي ضغوطاً داخلية وخارجية متصاعدة، يواصل رئيس حكومته بنيامين نتنياهو المراهنة على الحسم العسكري في غزة، عبر خطة وُصفت غربياً بأنها انتحارية وغير واقعية، وسط تحذيرات من ان هذه الخطة لا تحمل حلاً، بل تمهد لجولة جديدة من العنف الدموي، تُفاقم الأزمة الإنسانية وتُهدد حياة الأسرى والمدنيين.
أثار إعلان حكومة الاحتلال نيتها احتلال مدينة غزة موجة رفض واستغراب من قِبل مراقبين دوليين ووسائل إعلام غربية، الذين اعتبروا أن الخطوة تمثّل انزلاقاً خطيراً نحو حرب مفتوحة لا نهاية لها، في ظل الانهيار الإنساني غير المسبوق الذي يشهده القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.
صحيفة "ذي غارديان" البريطانية اعتبرت في تقرير لها أن خطة نتنياهو لا تمثّل فقط تهديداً مباشراً لحياة المدنيين الفلسطينيين والأسرى الإسرائيليين على حدّ سواء، بل تُشكّل ما وصفته بـ"الوصفة الكاملة لحرب دائمة"، محذّرة من أن تل أبيب تسعى إلى فرض احتلال دائم تحت غطاء أمني، دون أن تُصرّح بذلك صراحة للهروب من الالتزامات القانونية الدولية.
ورغم تجنّب البيان الصادر عن مكتب نتنياهو استخدام كلمة "احتلال"، إلا أن المراقبين الغربيين يرون أن نية فرض السيطرة الشاملة على القطاع واضحة ولا لبس فيها.
وفي الوقت الذي لم تتضح فيه الآلية التي ستتبعها إسرائيل لتجنّب سقوط عدد هائل من المدنيين في حال تنفيذ خطتها، تتوالى التقارير عن عمليات قتل جماعي، كان آخرها قرب مراكز توزيع مساعدات تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية"، والتي أسفرت عن سقوط مئات الضحايا بنيران قوات الاحتلال، بحسب الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية.
وتُبرز هذه الوقائع، كما تؤكد الصحيفة البريطانية، عدم إمكانية الوثوق بتصرفات جيش الاحتلال في حماية المدنيين، في ظل استخدام إسرائيل المتكرر للمساعدات كأداة حرب.
صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، بدورها، اعتبرت أن هذه الخطة تؤكد أن نتنياهو لم يعُد يسعى لإنهاء الحرب، بل لإدامتها، مشيرة إلى أن توسيع العملية العسكرية سيتسبب في المزيد من القتل والدمار، ليس للفلسطينيين فقط، بل للإسرائيليين أيضاً.
وأضاف التقرير أن الخطة ستتطلّب تعبئة آلاف الجنود الاحتياطيين، مما سيُجهد الجيش بشكل أكبر ويُعرّض المزيد من الأرواح للخطر، في وقت تتآكل فيه الصورة الأخلاقية لإسرائيل دولياً، بعد تقارير متزايدة عن جرائم حرب وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين.
ووفق "فاينانشال تايمز"، فإن هذا الإصرار على الحسم العسكري يعكس افتقاراً تاماً لرؤية سياسية، ويضع مستقبل غزة والمنطقة أمام سيناريوهات أكثر دماراً وتعقيداً.
وفي ظل المجاعة التي تعمّ غزة، يرى المراقبون أن الرئيس الأميركي، رغم إدراكه للكارثة الإنسانية المتفاقمة، لا يزال غير قادر أو غير راغب في الضغط الحقيقي على إسرائيل لإنهاء الحرب، وهو ما يراه البعض خذلاناً ليس للفلسطينيين فحسب، بل لإسرائيل أيضاً، التي تغرق أكثر فأكثر في عزلة دبلوماسية متزايدة ومأزق استراتيجي معقّد.
بين واقع ميداني يزداد سوداوية، وخطط عسكرية تقود إلى مجازر مفتوحة، يجد الاحتلال نفسه أمام معضلة سياسية وأخلاقية لا يمكن التغطية عليها بالخطاب الأمني أو الشعارات الحربية. وبينما يواجه الفلسطينيون خطر التهجير الجماعي، يبقى المجتمع الدولي مطالباً بكسر صمته، قبل أن تتحوّل غزة إلى نموذج دائم لحرب بلا نهاية.