تصعيد ممنهج في الضفة.. المستوطنون يهاجمون والمدن تحت الحصار
في تصعيد جديد يعكس منهجية الاحتلال الإسرائيلي في دعم اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، شهدت مناطق متفرقة في الضفة الغربية، وخاصة في محافظة الخليل، سلسلة هجمات عنيفة خلفت إصابات وأضراراً جسيمة بالممتلكات.
في وقتٍ تتواصل فيه المجازر في قطاع غزة، تتعرض الضفة الغربية لسياسة تهجير وقمع تُنذر بكارثة إنسانية جديدة، وسط صمت دولي مريب، حيث شهدت بلدتا حلحول وصوريف شمال محافظة الخليل، مساء الاثنين، هجوماً عنيفاً شنّه مستوطنون متطرفون تحت حماية مباشرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عن إصابة عدد من المواطنين الفلسطينيين بجروح متفاوتة.
ووفقاً لما نقلته مصادر فلسطينية، قام المستوطنون بالاعتداء بالضرب المبرح على السكان في البلدتين، في مشهد بات يتكرر بشكل شبه يومي في الضفة الغربية، وسط غياب أي محاسبة أو ردع دولي.
وفي بلدة حلحول، أقدم المستوطنون على تخريب وسرقة محصول العنب في منطقة الحواور، فيما قاموا بإشعال النيران في محيط أحد المنازل في منطقة عين الحمام شمال بلدة صوريف، ضمن محاولات ممنهجة لتهجير السكان وترويعهم.
بالتوازي مع هذه الاعتداءات، اقتحمت قوة كبيرة من "جيش" الاحتلال الإسرائيلي مخيم الفوّار جنوبي الخليل، فيما اندلعت مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال في بلدة بيتا جنوب نابلس، تخللتها عمليات إطلاق نار وقنابل غاز.
وفي سياق متصل، كشف رئيس بلدية جنين السابق، نضال العبيدي، عن تفاصيل صادمة بشأن ما يتعرض له مخيم جنين من عمليات تهجير قسري وتدمير شامل، مؤكداً أن قوات الاحتلال قامت بـ"شطب ثلث المخيم بالكامل"، ومنعت سكانه من العودة إليه.
وقال العبيدي إن "الاحتلال لا يكتفي بمنع العودة، بل يهدد بهدم أي منزل يُعاد بناؤه، في محاولة لفرض واقع جديد بالقوة". مشيراً إلى أن أكثر من ثلث سكان المخيم، الذين كان عددهم حوالي 19 ألف نسمة، حُرموا من بيوتهم التي عاشوا فيها أجيالاً متعاقبة.
وأوضح أن قوات الاحتلال استخدمت جرافات، مجنزرات، وطائرات مسيّرة في عملية الهدم، ما أدى إلى تدمير البنية التحتية بالكامل، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، وسوّت عشرات المنازل بالأرض.
وشدد العبيدي على أن ما يجري في جنين ليس حالة معزولة، بل جزء من مخطط إسرائيلي أوسع لتفريغ المخيمات الفلسطينية، التي تمثّل رمزاً حياً لقضية اللاجئين وحق العودة، واعتبر أن هذا التصعيد يمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف هذه الجرائم التي ترقى إلى مستوى جرائم حرب.
في ظل غياب المساءلة الدولية، وتصاعد الاعتداءات اليومية من المستوطنين وقوات الاحتلال، تبقى الضفة الغربية تحت نيران التصعيد والتهجير، فيما تُرسّخ إسرائيل واقعاً جديداً على الأرض بقوة السلاح. أما المخيمات، فرغم الدمار، تظل عصيّة على النسيان.