محاكمة إنسانية للاحتلال تحت قبة الأمم المتحدة… وواشنطن تواصل التغطية على جرائمه
عقد مجلس الامن جلسة طارئة بطلب إسرائيلي وغطاء أميركي فرنسي بريطاني أرادت تجميل القاتل وتسويق الأسرى كأولوية إنسانية، لكنها تحولت إلى محاكمة سياسية وأخلاقية لأكثر الجرائم توثيقا في العصر الحديث وبشهادة شركاء في النظام الدولي نفسه.
بدعوة إسرائيلية وبدعم أميركي وبريطاني وفرنسي عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة لبحث الوضع الإنساني في قطاع غزة وتحديدا قضية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.
في مستهل الجلسة قدّم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ميروسلاف ينتشا إحاطة حذر فيها من اتساع دائرة العنف في غزة مطالبا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الأسرى الإسرائيليين لكنه لم يتجاهل في المقابل جرائم الاحتلال من قتل للمدنيين إلى حرمانهم من الطعام والمساعدات محذرا من أن هذه الانتهاكات ترقى إلى جريمة حرب.
ينتشا أشار بوضوح إلى أن قرار نتنياهو توسيع الحرب يهدد حياة الفلسطينيين والأسرى على حد سواء داعيا إلى التهدئة والحوار ومشددا على ضرورة إدخال الإغاثة الإنسانية دون عوائق.
أما المندوبة الأميركية دوروثي شيا فقد أكدت مجددا دعم واشنطن الكامل لإسرائيل وكررت الرواية الإسرائيلية حول حماس متجاهلة الدعوات الدولية لوقف الحرب، ومتحدثة عن منظمات خيرية توزع ملايين الوجبات بينما الصور القادمة من غزة لا ترى سوى الموت والجوع..
وفي المقابل، جاء الموقف الروسي أكثر وضوحا في تحميل الاحتلال مسؤولية الجرائم الجماعية المرتكبة في غزة، حيث أكد نائب المندوب الروسي أن ما يجري هو قتل منظم للفلسطينيين باستخدام كل الأساليب، من القصف إلى الحصار إلى التجويع، بينما آلاف الشاحنات المحمّلة بالمساعدات تبقى عالقة عند معابر الموت الخاضعة لإذن إسرائيلي.
مندوب موسكو نسف الأكاذيب التي يروجها الاحتلال حول تخفيف العراقيل، مؤكداً أن الغذاء والدواء يمنعان بشكل ممنهج، كما فضح النوايا المبيّتة لاحتلال غزة تحت غطاء كذبة تحرير الأسرى.
وأشار إلى أن الكنيست يواصل تشريع قوانين الهدم والضم والاستيطان فيما غالبية دول العالم، باستثناء حفنة من المتواطئين، ترفض هذا التوجه الإجرامي الذي يسعى لتحويل غزة إلى أرض بلا شعب.
فرنسا من جهتها طالبت بفتح المعابر الإنسانية لكنها لم تتخل عن اصطفافها السياسي فهاجمت حماس وأعربت عن تضامنها مع الاحتلال.. أما بريطانيا فاستنكرت منع الحليب عن الأطفال، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار.
الدنمارك بدورها نددت بجرائم الاحتلال واحتجاز الأسرى فيما دعت الصين إلى وقف فوري دائم للنار ورفض أي محاولة لضم الأراضي بالقوة مطالبة الدول النافذة بالتحرك لمنع الاحتلال الشامل.
أما الجزائر فذكرت العالم بأن الأسرى ما كانوا ليبقوا في غزة لولا خرق إسرائيل لوقف إطلاق النار داعية إلى إنهاء الظلم ووقف القتل المنهجي ورفض ازدواجية المعايير.
وعشية الجلسة أصدرت حركة حماس بيانا دعت فيه مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته تجاه ما يجري في غزة والضغط الفوري على الاحتلال لوقف جرائم الإبادة الجماعية وفتح المعابر وإنهاء سياسة التجويع التي تطال مليونين ومئة ألف إنسان.
الحركة حملت حكومة نتنياهو المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى مؤكدة أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، المطلوب للعدالة الدولية، يتحمّل تبعات ما آلت إليه أوضاعهم بسبب حصاره وعدوانه.
جلسة الأمن لم تخرج بقرار حاسم، لكنها أكدت مجددا حجم الشرخ في النظام الدولي بين قوى تسترخص الدم الفلسطيني وتدّعي الدفاع عن القانون وقوى تزداد اقتناعاً أن ما يجري في غزة ليس حربا فقط، بل مشروع إبادة لا يمكن الصمت عنه أكثر.