دولي

تعقد الحكومة اللبنانية جلسة استثنائية وُصفت بأنها مفصلية في تاريخ البلاد الحديث. جلسة تحمل في طياتها أكثر من بند، لكنها تُختزل ببند واحد: سلاح المقاومة.

تأتي هذه الجلسة وسط تصعيد غير مسبوق من قِبل الولايات المتحدة والسعودية، الساعيتين، وفق مصادر دبلوماسية، إلى فرض جدول زمني واضح لتجريد المقاومة من سلاحها، عبر مشروع قدّمه المبعوث الأميركي توماس برّاك، يضع نزع السلاح كأولوية مطلقة تسبق أي حديث عن وقف العدوان أو الانسحاب الإسرائيلي.

ورقة برّاك، التي تسلّمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قُدّمت بصيغة خذها كما هي أو تحمّل العواقب ما يُظهر نية واضحة بتفكيك المعادلة الوطنية لمصلحة المشروع الإسرائيلي.

المشهد السياسي الداخلي لا يقل تعقيدًا. الرئيسان جوزاف عون ونواف سلام يتصرّفان، بحسب متابعين، وكأن مهلة السماح الأميركية – السعودية قد انتهت. ويقودان المسار الحكومي نحو تبني جدول زمني يُلزم المقاومة، مستفيدين من دعم قوى سياسية تتقدمها القوات والكتائب.

في المقابل، يتكثف حراك الثنائي الوطني – حزب الله وأمل، حيث أعاد الحزب التأكيد أن السلاح ليس موضوعًا للتفاوض في ظل استمرار العدوان، بل ملف سيادي لا يُفكك إلا من خلال حوار داخلي يحفظ الأمن القومي.

وسط هذا التوتر، تُطرح مقترحات تهدف إلى تجنب الانفجار، منها: نقل الملف إلى المجلس الأعلى للدفاع أو تشكيل لجنة عسكرية تُعيده إلى الحكومة لاحقًا، كخيار يربح الوقت ويمنع الصدام. لكن حزبَي القوات والكتائب يدفعان بعكس التيار، مطالبين بمهل زمنية واضحة للحسم، في ظل دعم سعودي مباشر لهذه الأجندة.

التحذير الأبرز جاء من مصادر المقاومة، التي اعتبرت أن فرض جدول زمني لنزع السلاح هو بمثابة هدية مجانية للعدو الإسرائيلي، بعدما فشل في انتزاع هذا السلاح بالقوة. كما كشفت تقارير أمنية عن احتمال تصعيد عسكري إسرائيلي بالتزامن مع الجلسة، في حال لمس العدو تمسكًا لبنانيًا بخيارات المقاومة.

بين مشروع خارجي يُراد تمريره باسم السيادة، وموقف وطني يحذّر من تفكيك البلاد باسم الإصلاح يقف لبنان على مفترق حاسم. أي قرار اليوم قد لا يُنفذ غدًا، لكنّه سيُسجَّل... في ميزان السيادة، والوفاء لتضحيات مقاومة حرّرت الأرض وحمت الكرامة.