20 تموز , 2025

أكثر من ستمئة يوم من العدوان على غزة: فشل اسرائيلي استراتيجي

رغم عدد الشهداء الكبير في قطاع غزة، والدمار الهائل الذي لحق بالقطاع، تشير التقديرات إلى فشل اسرائيلي استراتيجي متعدد الأوجه للكيان الإسرائيلي بدءا من الميدان العسكري مرورا بالأزمة الاقتصادية، ووصولا إلى العزلة السياسية الدولية.

مرّ أكثر من 600 يوم على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وهو الأطول منذ عام 1948، دون أن يحقق الاحتلال أيّاً من أهدافه المعلنة، رغم الكلفة الباهظة التي تكبدها الفلسطينيون، إذ تجاوزت حصيلة الشهداء 55 ألف مدني، وفق تقديرات حقوقية.

يُقر باحثون في معاهد الأمن الإسرائيلية بعجز تل أبيب عن فرض أي سيطرة على غزة، معتبرين أن خياراتها تتراوح بين "السيئ والأسوأ"، في وقت تتضاعف فيه خسائرها الاقتصادية والعسكرية، بينما يقف الفلسطينيون على خط المواجهة بثبات استثنائي.

ورغم توظيف ترسانة متطورة تضم دبابات "ميركافا"، والطائرات المسيّرة، والدعم الغربي اللامحدود، فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في حسم المعركة. فقد تمكنت المقاومة من تدمير أو إعطاب مئات الآليات العسكرية بكمائن محكمة، مستنزفة القوات البرية التي أظهرت عجزاً عن التقدم في عمق القطاع. كما ساهم انخفاض نسبة المشاركة في الاحتياط إلى أقل من 50% وخفض فترات الخدمة، في تقويض قدرة الجيش على الاستمرار في معركة طويلة الأمد.

ورغم المأساة الإنسانية، بما فيها سقوط أكثر من 55 ألف شهيد و137 ألف جريح، لم تنكسر إرادة المقاومة، التي واصلت شن عمليات نوعية أربكت الاحتلال، ونجحت في الحفاظ على بنيتها التنظيمية والسياسية. هذا الصمود، يعادل انتصاراً استراتيجياً ومعنوياً، إذ بات الكيان عاجزا عن تحقيق هدفها المعلن بتصفية "حماس" أو استعادة أسراها.

على الصعيد الداخلي، يعاني الكيان من أزمة ثقة وانقسامات سياسية غير مسبوقة، مع اتهامات لحكومة نتنياهو بالفشل في إدارة الحرب، ما أدى إلى تصدع الجبهة الداخلية. أما اقتصادياً، فقد شهدت الكيان إغلاق آلاف الشركات، وانهيار قطاع السياحة، وتراجع البورصة، إضافة إلى خفض التصنيف الائتماني لأول مرة منذ عقود، بسبب تكاليف الحرب التي تجاوزت عشرات المليارات من الشواكل.

دولياً، ازدادت عزلة الكيان، إذ ارتفعت المقاطعة الثقافية والأكاديمية، وتزايدت الدعوات الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطين، فيما صدرت مذكرات اعتقال دولية بحق نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وبما أن الصحافة العبرية ومحلليها يعترفون أن الحرب التي تجاوزت 600 يوم لم تحقق أهدافها على مجموعة تعيش في وضع انساني مأساوي، هذا عدا عن آثار الاسناد اليمني على الكيان. بل أدت الحرب إلى تعميق الأزمة في الكيان الصهويني على جميع المستويات، في ظل غياب رؤية واضحة تُمكن قادة الاحتلال من حسم الملفات المعلقة والجبهات المفتوحة بلا أفق أو نهايات واضحة، ما يحولها الى أزمة وجودية تهدد المشروع الصهيوني برمّته.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen