غزة تحت النار.. يوميات الموت والجوع في ظل حرب الإبادة والصمت الدولي
يواصل العدو الصهيوني اجرامه في قطاع غزة، مستمرا بالإبادة الجماعية التي يتعرّض لها أكثر من مليوني فلسطيني، في ظل دعم أميركي مفتوح للاحتلال، وصمت دولي بات جزءًا من الجريمة.
منذ 633 يومًا، لا صوت يعلو فوق أزيز الطائرات الإسرائيلية، ولا صورة أقوى من مشهد الركام والدمار، ولا مشهد أكثر وجعًا من أطفال غزة، الذين يفتشون عن فتات الحياة تحت أنقاض بيوتهم أو في طوابير الطعام التي تحوّلت إلى ساحات قنص جماعي.
هذا الصباح، استيقظ القطاع على مجازر جديدة. غارات إسرائيلية كثيفة استهدفت مناطق متفرقة من المدينة، خلّفت عشرات الشهداء والجرحى، بينهم أطفال ونساء، وفق مصادر طبية محلية. في مستشفيات «الشفاء» و«المعمداني»، اكتظّت الممرات بالجثث والمصابين. لم تعد هناك أسرّة فارغة، ولم يتبقَّ دواء أو أمل.
وفي منطقة نتساريم جنوبي غزة، سقط شهداء جدد وهم ينتظرون طرود المساعدات. لم يكن في أيديهم سلاح... بل بطاقات انتظار ورسائل نصية تخبرهم بموعد تسلّم الطعام. لكن الرصاص سبقهم، وحوّل لحظتهم الأخيرة إلى فصل جديد من المجاعة المتعمّدة.
قوات الاحتلال، وبعد أن أرفقت منشورات الإخلاء بتهديدات صريحة، شنّت غارات عنيفة على مراكز الإيواء التي كانت تؤوي نازحين أجبروا على الهرب من قصف سابق. ثلاثة من هذه المراكز دُمّرت بالكامل فوق رؤوس من احتموا بها، في أحياء التفاح والزيتون والشجاعية.
ولم يكن الشاطئ أكثر أماناً... استُهدفت "كافيتيريا الباقة"، أحد أكثر الأماكن ازدحاماً بالصحافيين والعائلات والطلاب. الغارة التي وُصفت بأنها "الأكثر دموية" أمس، أسفرت عن استشهاد 27 شخصاً، بينهم الصحفي إسماعيل أبو حطب والفنانة التشكيلية فرانس السالمي. وبين الجرحى، الصحفية بيان أبو سلطان، وطفلة كانت تحتفل بعيد ميلادها الأول هناك.
ليست هذه المأساة سوى واحدة من عشرات المشاهد التي تتكرر يومياً. طائرات الاحتلال استهدفت أيضاً "بركس سليم" في حي الزيتون، أثناء توزيع المساعدات، فاحترقت الطرود، وسقط 15 شهيدًا، وجُرح عشرات آخرون. شهادة إحدى المؤسسات الدولية كشفت أن الجيش الإسرائيلي يتعمّد ضرب أماكن توزيع المساعدات، لإدامة الفوضى، وتحويل الجوع إلى سلاح.
ووسط هذا الجحيم، لا تزال إسرائيل تمنع إدخال المساعدات إلى شمال القطاع، بينما يُطلق الجنود النار على الجوعى كما لو كانوا أعداء. صحيفة "هآرتس" كشفت أن أكثر من 400 شهيد سقطوا منذ افتتاح مراكز التوزيع، وآلاف الجرحى أصيبوا برصاص مباشر، فقط لأنهم طلبوا طعامًا.
هنا غزة... حيث يموت الناس في طوابير الخبز، وتتحوّل ملاجئهم إلى مقابر جماعية، ويصبح شاطئ البحر مسرحًا لصيد البشر، ومع كل هذا، لا يزال في غزة من يقاوم، ليس بالسلاح فقط، بل بالإصرار على البقاء، وعلى أن يروي للعالم قصة شعب تُرك وحده، لكنه لم ينكسر.