لبنان: أهل الجنوب يعودون..بصرخات النصر وأحزان الفقدان والعدو يواصل المماطلة
مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال حيّز التنفيذ، تتجه الأنظار إلى مستقبل هذا التحرير، فللمرة الثالثة منذ وقف العدوان على لبنان، عاد الجنوبيون إلى قراهم التي تحررت جزئياً، فقوات الاحتلال لا تزال تحتفظ بمواقع استراتيجية في عدد من البلدات، مع موقف لبناني رسمي بضرورة تنفيذ جميع بنود الف وسبعمئة وواحد.
لم يكن صباح الأمس عادياً في القرى الحدودية اللبنانية. عاد أهلها إلى منازلهم، إلى الأزقة التي احتضنت صرخات النصر وأحزان الفقدان، عادوا بعد أن حملوا ذكرياتهم على أكتافهم، مستعيدين أرضهم التي بقيت شاهدة على العدوان والصمود.
لكن هذه العودة، رغم فرحتها، لم تكتمل. انسحب الاحتلال الإسرائيلي، لكنه أبقى بصماته، قطع الطرقات، وزرع العراقيل، وكأنه يقول إن رحيله لن يكون بلا ثمن.
للمرة الثالثة منذ وقف إطلاق النار في 26 تشرين الثاني الماضي، عاد الجنوبيون إلى قراهم التي تحررت جزئياً. انتهاء المهلة الممددة للانسحاب الإسرائيلي في 26 كانون الثاني لم يكن كافياً لاستكمال التحرير، إذ لا تزال قوات الاحتلال تحتفظ بمواقع استراتيجية في عدد من البلدات.
فرحة التحرير كانت واضحة في القطاع الشرقي، حيث استعاد أهالي الوزاني والعديسة وكفركلا بيوتهم، لكن في مركبا وحولا وميس الجبل وبليدا، لم تكن العودة مجرد لحظة احتفال، بل استذكار لدماء الشهداء الذين قضوا وهم يعبرون إلى ديارهم المحررة.
ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، تتجه الأنظار إلى مستقبل هذا التحرير الناقص. على الرغم من وضوح موقف المقاومة، إلا أن لبنان الرسمي يسلك طريق الدبلوماسية، متجهاً إلى مجلس الأمن الدولي لمطالبة إسرائيل بتنفيذ القرار 1701 والانسحاب الكامل حتى الحدود الدولية.
وفي اجتماع طارئ في قصر بعبدا، أقرّ الرؤساء الثلاثة، جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام، استكمال العمل عبر اللجنة التقنية العسكرية والآلية الثلاثية، بالإضافة إلى متابعة التفاوض مع اللجنة الدولية والصليب الأحمر لإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين.
لكن الوعود الأميركية بإطلاقهم مع انتهاء المهلة الممددة للانسحاب لم تتحقق، مما يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يناور على حساب السيادة اللبنانية.
لم يتوقف العدو الإسرائيلي عند إبقاء بعض المواقع تحت سيطرته، بل وسّع دائرة الضغط، فارضاً حصاراً جوياً وبرياً مشدداً على لبنان. فالطيران الإسرائيلي يراقب المجال الجوي، والمنافذ الحدودية تخضع لمزيد من القيود.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن معركة التحرير لم تنتهِ بعد. ففيما يسلك لبنان الرسمي طريق الدبلوماسية، فإن الاحتلال الإسرائيلي يواصل سياساته القائمة على المناورة وكسب الوقت.
ومع استمرار عمليات الحصار والاحتفاظ بالمواقع الاستراتيجية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل سيكون هناك تحرير رابع، أم أن لبنان أمام مرحلة جديدة من التصعيد؟