16 شباط , 2025

الجنوب اللبناني تحت النار: الاحتلال يصعّد بالغارات والتفجيرات وسط صمود لا ينكسر

لم تكن ليلة الجنوب اللبناني عادية، فالنار التي أشعلها الاحتلال لم تكتفِ بإحراق المنازل، بل امتدت لتحرق ما تبقى من اتفاق وقف إطلاق النار، شهيدان وجرحى، منازل مدمرة، وأصوات الانفجارات تهز القرى، في مشهد يعيد إلى الأذهان فصولاً طويلة من العدوان الإسرائيلي على الأرض والشعب. لكنها أيضاً ليلة أخرى من الصمود، حيث الجنوب الذي عانق المقاومة عقوداً، يثبت من جديد أن كل غارة، وكل تفجير، لن يكون إلا حطباً في نار الإرادة التي لا تنطفئ.

في تصعيد خطير في جنوب لبنان ارتقى شهيدان وأصيب ثلاثة آخرون، مساء يوم امس السبت، إثر غارة جوية شنتها طائرة إسرائيلية مسيّرة، استهدفت سيارة على طريق جرجوع – اللويزة في منطقة إقليم التفاح، جنوبي لبنان

 الاعتداء أدى إلى اندلاع النيران في السيارة، ما أسفر عن ارتقاء شهداء وسط مشهد مأساوي يُضاف إلى سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي اللبنانية.

التصعيد لم يقتصر على ذلك، حيث نفّذ الاحتلال الإسرائيلي عمليات تفجير واسعة في الجنوب اللبناني، شملت بلدة يارون في قضاء بنت جبيل، حيث جرى نسف عدد من المنازل بالكامل، بالتزامن مع عملية تفجير في منطقة الأحراج في اللبونة، قبالة علما الشعب والناقورة، في قضاء صور.

 لم تمضِ ساعة واحدة على تفجير المنازل في يارون، حتى عاد الاحتلال ونفّذ عملية تفجير ثانية، لتتوالى الاعتداءات التي تُنذر بتصعيد أكبر. وفي بلدة كفركلا الجنوبية،حيث سُمع دوي تفجير عنيف نفّذه العدو الإسرائيلي، وسط حالة من الذعر في صفوف الأهالي.

إلى جانب ذلك، حلقت الطائرات المسيّرة الإسرائيلية بشكل مكثف فوق جبل الريحان في جزين، ما يعكس نوايا الاحتلال في مواصلة عملياته العدوانية داخل العمق اللبناني، في خرق واضح لكل الاتفاقيات والقرارات الدولية.

وفي وقتٍ سابق، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية حي العقبة على أطراف بلدة عيناتا في قضاء بنت جبيل، دون تسجيل إصابات، إلا أن الغارة تأتي ضمن سلسلة اعتداءات ممنهجة تستهدف الجنوب اللبناني.

المشهد لم يتوقف عند الجنوب، إذ شهدت مناطق في البقاع أيضاً خروقات إسرائيلية، مع استمرار الاحتلال في تنفيذ اعتداءاته المتكررة رغم الاتفاقات الدولية، ما يؤكد تصميمه على إشعال جبهة الجنوب اللبناني.

منذ إعلان وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، لا تزال الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة، حيث يواصل العدو قصفه وعملياته التخريبية، مع تركيز واضح على استهداف البنية التحتية والمنازل السكنية في الجنوب اللبناني.

مصادر متابعة أكدت أن الاحتلال لم ينسحب بعد من عدة مناطق حدودية، ولا يزال يمارس سياسة الأرض المحروقة، حيث يحرق المنازل ويهدمها فوق رؤوس سكانها، في تكرار لجرائمه التي وثقتها الهيئات الحقوقية الدولية.

 

يرى مراقبون أن التصعيد الإسرائيلي في الجنوب اللبناني يأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدف إلى فرض معادلات جديدة على الأرض، خصوصاً أن الاحتلال يجد نفسه محاصراً بمتغيرات إقليمية، أبرزها التضامن الكبير مع المقاومة في لبنان وفلسطين، إضافة إلى فشله في تحقيق مكاسب استراتيجية عبر عدوانه المتكرر.

كما أن هذه الخروقات المتتالية تعكس استهدافاً واضحاً للسكان المدنيين وللبنية التحتية، في محاولة لترهيب المواطنين وإحداث تغييرات ديموغرافية قسرية، وهو نهج يتبعه الاحتلال الإسرائيلي في مختلف المناطق التي يستهدفها.

في ظل هذا التصعيد، يبقى الجنوب اللبناني عصياً على محاولات الاحتلال فرض واقع جديد. فأبناء الجنوب، الذين دفعوا ثمناً باهظاً في العقود الماضية، يواجهون الاعتداءات المتكررة بصمودٍ وإرادةٍ لا تهتز، ويؤكدون أنهم لن يسمحوا بعودة الاحتلال بأي شكل من الأشكال، مهما بلغت التضحيات.

هذا المشهد يعيد إلى الأذهان الاعتداءات السابقة التي شنّها العدو الإسرائيلي على لبنان، حيث كان الرد المقاوم كفيلاً بردع الاحتلال وإجباره على التراجع. واليوم، مع استمرار الاعتداءات، يبقى السؤال: إلى متى سيستمر الاحتلال في اختبار صبر المقاومة وأهل الجنوب؟

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen