13 شباط , 2025

تصعيدٌ إسرائيلي متواصل في الضفة الغربية: حرقٌ وتهجيرٌ ومقاومةٌ لا تهدأ

في الضفة الغربية، حيث تُكتب الحكايات بالدم والصمود، يواصل الاحتلال الإسرائيلي فصول جرائمه، محاولًا اقتلاع الفلسطيني من أرضه بالنار والرصاص، جنين تحترق، وطولكرم تزف شهداءها، وطوباس تحاصرها البنادق، لكن في كل زاوية ينهض مقاوم، وفي كل شارع تُشعل حجارة الغضب معركة لا تهدأ. هناك في أرض المواجهة، تتجدد الحقيقة التي يحاول المحتل طمسها أن الفلسطيني لا يُهزم، وأن نيران الاحتلال لا تزيده إلا اشتعالًا وإصرارًا على البقاء.

في شمال الضفة الغربية، حيث يقف المخيم على أنقاض ذاكرة نازحين لم يذوقوا طعم الاستقرار، اشتعلت النيران مجددًا، لا بفعل القدر، بل بيد المحتل الذي يرى في الحجر تهديدًا، وفي الإنسان الفلسطيني هدفًا مشروعًا.

في جنين اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المخيم ، تحمل في جعبتها مخططات التهجير والتدمير، فتطاير الشرر من منازل الفلسطينيين بفعل الحرائق التي أشعلها الجنود في البيوت، مما أجبر سكانها على النزوح تحت وابل من الرصاص. لم يكن كافيًا أن يهدموا البيوت، بل عمدوا إلى زرع لافتات عبرية على الطرق المستحدثة بالقوة، وكأنهم يعلنون أن النكبة لم تكن صفحة وطُويت، بل فصلًا متجددًا في رواية الاحتلال المستمرة.

لم يقتصر العدوان على التهجير والإحراق، بل استهدف جنود الاحتلال الفلسطينيين العائدين لتفقد منازلهم، فأصيب ثلاثة منهم، وفق الهلال الأحمر الفلسطيني، بينما استمرت القوات الغازية في تعزيز وجودها العسكري بالمنطقة.

وفي مدينة طوباس، اقتحمت قوات الاحتلال البلدة، وانتشرت فرق القناصة فوق المنازل، بينما نفذت وحدة خاصة عملية تسلل إلى بلدة عقابا، حيث حاصرت منزلًا فلسطينيًا. أما في طولكرم، فكان للشهيد خالد مصطفى عامر موعد مع الخلود، إذ ارتقى بعد اشتباك بطولي مع قوات الاحتلال في مخيم نور شمس.

وفي الوقت الذي كانت فيه مدن الضفة تحترق بنيران الاحتلال، حذرت وكالة الأونروا من تصاعد عمليات التهجير القسري، مؤكدة أن مخيم جنين بات شبه خالٍ من السكان، في مشهد يعيد إلى الأذهان المذابح التي شهدها الفلسطينيون عبر العقود الماضية.

رغم التصعيد الإسرائيلي، لم تقف الضفة مكتوفة الأيدي، إذ واصلت المقاومة تصديها للاحتلال بـ 27 عملية خلال 24 ساعة، شملت العمليات 9 اشتباكات مسلحة، وتفجير عبوة ناسفة، وإلقاء زجاجات حارقة، بالإضافة إلى اندلاع مواجهات في 15 نقطة بالضفة، وسط تظاهرات غاضبة تنديدًا بجرائم الاحتلال.

وفي مخيمي نور شمس وطولكرم، اعترف الاحتلال بإصابة أحد جنوده خلال الاشتباكات، بينما شهدت مناطق متفرقة من الضفة عمليات مقاومة متصاعدة، بدءًا من جنين حيث استُهدف الاحتلال قرب مدرسة الإبراهيميين والحي الشرقي، مرورًا برام الله حيث أمطرت زجاجات حارقة حاجز بيت إيل، وصولًا إلى قلقيلية ونابلس والخليل، التي شهدت مواجهات عنيفة في أكثر من نقطة.

لم تقتصر جرائم الاحتلال على القتل والتهجير، بل امتدت إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني، إذ كشفت وزارة الاقتصاد الفلسطينية أن الاحتلال هدم 48 منشأة اقتصادية في الضفة الغربية خلال يناير الماضي وحده، في محاولة لخنق الفلسطينيين اقتصاديًا وإجبارهم على الهجرة القسرية.

من جنين إلى طولكرم، ومن الخليل إلى نابلس، يحاول الاحتلال فرض واقع جديد بالقوة، لكنه يواجه حقيقة أن الأرض لا تستسلم، وأن جذوة المقاومة لا تنطفئ مهما بلغت شراسة العدوان. فبينما يواصل الاحتلال تدميره، تواصل الضفة توجيه رسائلها الملتهبة، بأن طوفان الأقصى لم يكن لحظة غضب عابرة، بل مرحلة جديدة من المواجهة التي لا تعرف التراجع.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen