جرح الضفة النازف.. صمودٌ في وجه العدوان المتواصل
في جنين وطوباس وطولكرم في الضفة الغربية المحتلّة، يتواصل العدوان الإسرائيلي بلا هوادة مجبرًا آلاف العائلات على النزوح، وسط دمارٍ ممنهجٍ وحصارٍ خانقٍ يهدف إلى اقتلاع الفلسطيني من أرضه وتاريخه.
لم تتوقف آلة الحرب الصهيونية عن استهداف محافظات جنين وطوباس وطولكرم شمال الضفة الغربية، حيث تمضي قوات الاحتلال في تدمير البنية التحتية لمخيمات الفارعة بطوباس، ومخيمي طولكرم وجنين، مانعةً الصحفيين من تغطية تلك الجرائم في محاولةٍ لطمس الحقيقة وإخفاء فظائعها عن العالم.
ولليوم العشرين على التوالي، تتواصل الهجمة الشرسة على جنين ومخيمها، حيث أُجبر السكان على ترك منازلهم قسرًا وسط عمليات تفجير وحرقٍ وهدم طالت العشرات من المنازل. وتشير الشهادات إلى أن مخيم جنين شهد أكبر حركة نزوح في شمال الضفة الغربية، بعد أن أجبرت قوات الاحتلال نحو 90% من سكانه على الفرار، وهدمت ما يقارب 100 منزل، فضلًا عن تدمير شبكات الماء والكهرباء، في مشهدٍ يعيد إلى الأذهان نكبات الماضي.
في المقابل، لا تزال فصائل المقاومة الفلسطينية في جنين تقاوم بكل ما أوتيت من قوة، مستهدفةً قوات الاحتلال بالرصاص والعبوات المتفجرة، رافضةً الاستسلام أمام هذا العدوان الهمجي.
طولكرم بدورها تعيش تحت وطأة العدوان منذ 14 يومًا، حيث اقتحمت قوات الاحتلال فجر اليوم مخيم نور شمس، فارضةً عليه حصارًا عسكريًا مشددًا، في حين أُجبرت العائلات على مغادرة منازلها التي تحولت إلى ثكنات عسكرية.
كما تعرضت المدينة ومخيمها لحملة تدمير ممنهجة، استهدفت المنازل والمتاجر، وأحرقت بعضها، فيما أدى استهداف البنية التحتية إلى انقطاع المياه والكهرباء والاتصالات، في محاولةٍ لعزل المدينة وسكانها عن العالم الخارجي.
أما في طوباس، فلم يكن المشهد أقل مأساوية، حيث يستمر العدوان على مخيم الفارعة لليوم الثامن على التوالي، متسببًا في نزوح عائلاتٍ بأكملها، وجدت في بلدة طمون المجاورة ملاذًا مؤقتًا، حيث فتح الأهالي منازلهم ودواوينهم لاستقبال النازحين وتقديم العون لهم.
ورغم الانسحاب الإسرائيلي من بلدة طمون صباح أمس، إلا أن آثار الدمار التي خلفها الاحتلال تروي قصة عدوانٍ استهدف كل شيء، من البنية التحتية إلى المنازل والمرافق العامة، مرورًا بحملات اعتقالٍ طالت الرجال والنساء، في محاولةٍ لإخضاع المدينة وإرهاب سكانها.
في وجه هذا العدوان الوحشي، يواصل الفلسطينيون صمودهم، متشبثين بأرضهم رغم الألم والجراح. فكما كانت جنين وطوباس وطولكرم عبر التاريخ، ستظل شاهدًا على همجية الاحتلال، وفي الوقت ذاته، رمزًا للثبات والمقاومة. ستبقى فلسطين حيّةً في قلوب أبنائها، عصيةً على الانكسار، مهما اشتد بطش المحتل وتكاثرت جرائمه.