05 شباط , 2025

الجنوب اللبناني بين العدوان والصمود... عودة الأهالي تحت القصف وإصرار على التحرير

على امتداد قرى الجنوب اللبناني، من يارون ومارون الراس إلى حولا والخيام، جنوبيون خبروا الاحتلال وأسقطوا غطرسته مرارًا، يقفون اليوم على تخوم بلداتهم، مصممين على العودة، مهما بلغت التضحيات، وفيما تعجّ منصات الإعلام الإسرائيلية بالغضب والإحباط من عودة الأهالي، يتصاعد الجدل داخل الكيان حول الفشل السياسي والعسكري، إذ يرى المستوطنون في مشاهد العودة تهديدًا وجوديًا، يعيد إليهم كابوس الهزيمة في لبنان عام الفين.

على تخوم الأرض التي لطالما عُجنت بدماء الشهداء، تتردد أصداء خطى العائدين إلى أنقاض منازلهم، حيث تتراكم الحجارة على ركام الذاكرة.

عند السواتر الترابية التي أقامها الاحتلال، تتجمع العائلات، تتفقد ما بقي، وتتحسس آثار الأقدام الغائبة لمن فُقدوا أو ارتقوا شهداء. وبين ركام البيوت والطرقات المدمرة، تتجلى وحشية الاعتداء الذي لم يوفر دور العبادة، من المسجد إلى الكنيسة، ولم يترك البنية التحتية إلا خرابًا.

لكن رغم الجراح، يرفض الأهالي الاستسلام. "هذه الأرض الطاهرة التي حررناها سابقاً بفضل دماء شهداء المقاومة، سنحررها اليوم عاجلاً أم آجلاً"، يؤكد رئيس البلدية علي تحفة، معبّرًا عن روح الجنوب التي لا تُهزم.

وفيما يواصل الاحتلال اعتداءاته، من إحراق المنازل إلى إطلاق النار لمنع الأهالي من العودة، فإن الجنوب، من يارون إلى مارون الراس وحولا والطيبة، يظل على العهد، ثابتًا كما كان، يكتب بدمائه تاريخًا جديدًا لا مكان فيه إلا للنصر.

مشاهد عودة الأهالي إلى بلداتهم أثارت حالة من الغضب والإحباط في الأوساط الإسرائيلية، وخاصةً بين مستوطني الشمال. الإعلام العبري امتلأ بالتعليقات التي عبّرت عن الشعور بالهزيمة، فيما رأى المستوطنون أن حكومتهم قدمت تنازلات كبيرة دون تحقيق أي مكسب أمني لهم.

"لقد فشلنا في منع عودة اللبنانيين إلى قراهم، تمامًا كما فشلنا في غزة!" هكذا وصفت بعض المنصات الإسرائيلية الوضع، في مقارنة واضحة بين ما حدث في الجنوب اللبناني وما يجري في شمال غزة. حالة الذعر بين المستوطنين تعكس فقدان الثقة في القيادة العسكرية والسياسية، حيث تساءل البعض: "لماذا لم يتوقع الجيش الإسرائيلي هذا السيناريو؟

على الأرض، لا تزال قوات الاحتلال تواصل اعتداءاتها في عدة بلدات، من يارون ومارون الراس إلى مركبا وحولا وكفركلا. تفجير المنازل، حرق الأراضي الزراعية، وإطلاق القنابل الصوتية على الأهالي، كلها ممارسات تهدف إلى منعهم من العودة إلى بيوتهم، لكن الإرادة الشعبية أقوى من الاحتلال.

في ظل هذا التصعيد، تبقى المقاومة الإسلامية حاضرة في المشهد، تراقب، وتحدد الخطوط الحمراء. الرسالة واضحة: أي محاولات لفرض واقع جديد في الجنوب ستقابل بردٍّ قاسٍ. فكما كان التحرير في عام 2000، والانتصار في حرب 2006، فإن المقاومة تفرض اليوم توازن ردع يمنع العدو من تحقيق أهدافه، ولو بالدمار.

على الرغم من الخراب والدمار، تبقى الروح أقوى من الحديد والنار. أهالي الجنوب، ليسوا غرباء عن المقاومة والصمود. هم من صنعوا نصر التحرير، وهم من يؤكدون اليوم أن الاحتلال إلى زوال، مهما حاول العبث بواقع الأرض والتاريخ.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen