الاحتلال يواصل جرائمه في جنوب لبنان..تصعيد مستمر وخرق متواصل
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها في جنوب لبنان، حيث أحرقت منازل في عدة بلدات وهاجمت طواقم انتشال جثامين الشهداء و رغم انسحاب بعض آلياته، أقدم الاحتلال على إحراق بعض المناطق قبل مغادرته وفي مواجهة هذه الانتهاكات، يواصل أهالي الجنوب صمودهم، رافضين الخضوع للعدوان، ومؤكدين أن الاحتلال إلى زوال.
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها في جنوب لبنان، ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار. فعلى الرغم من انتهاء مهلة 60 يوماً للانسحاب، لم يكتفِ الاحتلال بعدم الالتزام، بل صعّد من اعتداءاته عبر حرق المنازل، واستهداف البنية التحتية، والاعتداء على المدنيين، في سياسة انتقامية تهدف إلى فرض واقع جديد بالقوة.
خلال الأيام الأخيرة، شهدت بلدات عيترون، عديسة، ورب ثلاثين اعتداءات وحشية، حيث عمدت القوات الإسرائيلية إلى إضرام النيران في عدد من المنازل، في مشهد يعيد إلى الأذهان الجرائم التي ارتكبها الاحتلال سابقاً في القرى الجنوبية. لم يكن الحرق مجرد فعل تخريبي عشوائي، بل سياسة مقصودة لإرهاب السكان وعرقلة عودتهم بعد الانسحاب الجزئي لقوات الاحتلال.
في جريمة أخرى تكشف العقلية الإجرامية التي تحكم سياسات الاحتلال، تعمدت طائرة إسرائيلية مسيّرة إلقاء قنبلة على جرافة كانت تعمل على انتشال جثامين شهداء في بلدة الطيبة، قضاء مرجعيون. هذا الاستهداف المباشر لطواقم العمل الإنساني يعد انتهاكاً صارخاً لكل القوانين الدولية، ويؤكد أن الاحتلال لا يكتفي بقتل الأبرياء، بل يحاول منع انتشال جثثهم ودفنهم بكرامة.
مع بدء سحب عدد من آلياته، لجأ الاحتلال إلى إحراق مناطق كاملة في محيط بلدة عيترون، حيث أضرمت القوات الإسرائيلية النيران في منطقة الحريقة عند الأطراف الشرقية للبلدة قبل انسحابها، مما أدى إلى اندلاع حرائق ضخمة في المنازل والأحراش.
لم يكن هذا الاعتداء الأول من نوعه، فقد سبق أن استخدم الاحتلال أساليب مشابهة في جنوب لبنان عام 2000 قبل انسحابه المهين، عندما فجر مواقعه في الشريط الحدودي وترك خلفه دماراً واسعاً. واليوم، يبدو أن جيش الاحتلال يحاول إعادة إنتاج نفس السيناريو، في محاولة أخيرة لتدمير كل ما يمكن تدميره قبل إجباره على الخروج.
في ظل استمرار الاحتلال في ارتكاب الجرائم، أصدرت الجهات المحلية في بعض البلدات الجنوبية تحذيرات للأهالي بعدم العودة إلى منازلهم قبل دخول الجيش اللبناني إليها وتأمينها بالكامل، خوفاً من وجود أفخاخ أو متفجرات خلفها الاحتلال. كما دعت إلى اتخاذ الحيطة والحذر، خاصة في القرى التي شهدت مداهمات وحرائق مفتعلة.
على مدى العقود الماضية، لم يتوقف الاحتلال عن محاولة إخضاع الجنوب اللبناني، إلا أن أهالي هذه القرى الحدودية أثبتوا في كل مرة أن الأرض لا تُترك، وأن الاحتلال مهما طغى وزرع الدمار، فلن يتمكن من كسر إرادة الصمود.
قبل أيام فقط، شهدت بلدة يارين الحدودية موقفاً مشرفاً، حيث تجمع الأهالي مع الجيش اللبناني في مواجهة دبابة إسرائيلية حاولت التقدم، مؤكدين أن عودتهم إلى منازلهم حق لا يمكن للاحتلال أن يمنعه. هذا الموقف يعيد إلى الأذهان مشاهد الصمود الشعبي خلال حرب تموز 2006، عندما وقف الأهالي في وجه الدبابات الإسرائيلية وأجبروها على التراجع.
مع استمرار الضغط الميداني والسياسي، يجد الاحتلال نفسه أمام مأزق حقيقي. فمن جهة، يحاول كسب الوقت عبر افتعال المزيد من التصعيد، وإحداث أكبر قدر من الدمار قبل الانسحاب، ومن جهة أخرى، يدرك أن استمراره في العدوان لن يؤدي إلا إلى تصعيد أكبر قد لا يكون قادراً على تحمله.
من الواضح أن الاحتلال بات عاجزاً عن تحقيق أي مكاسب استراتيجية من وجوده في الجنوب اللبناني، فكل محاولاته لفرض معادلات جديدة باءت بالفشل، والمقاومة لا تزال متأهبة لأي مواجهة محتملة، ما يعني أن الأيام المقبلة قد تشهد تغيرات ميدانية كبرى، خاصة إذا استمر الاحتلال في سياسته التصعيدية.
مهما حاول الاحتلال، ومهما استخدم من أساليب الإرهاب والتدمير، يبقى الجنوب اللبناني عنواناً للصمود والتحدي. لقد مرّت هذه الأرض بمحطات أصعب، وواجه أهلها حروباً واجتياحات، لكنهم لم ينكسروا يوماً، ولم يتخلّوا عن أرضهم لحظة واحدة. اليوم، كما في كل مرة، سيرحل الاحتلال، وستبقى القرى الجنوبية شاهدة على بطولة شعب رفض الذل والخضوع، وعلى هزيمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالخيبات.