مفاوضات على صفيح ساخن.. المقاومة متمسكة بالشروط والعدو يبحث عن مخرج مشروط
تتجه الأنظار إلى العاصمة القطرية الدوحة حيث تجري جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين وفدي حركة المقاومة الإسلامية حماس والاحتلال الإسرائيلي، في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. جولة تأتي وسط تصعيد ميداني في غزة، وتضارب في التصريحات حول مسار التفاهمات.
أجواء إيجابية تسيطر على مفاوضات الدوحة، بحسب ما أكد مصدر مطّلع للقناة 13 الإسرائيلية، نافياً صحة التقارير التي تحدثت عن طريق مسدود. الاجتماعات بدأت مساء أمس، ومن المقرر أن تستمر اليوم، بمشاركة وفدين من حماس وإسرائيل.
الوفد الفلسطيني برئاسة خليل الحية، يضم طواقم فنية تؤكد جاهزيتها لمفاوضات جدية حول تنفيذ مقترح وقف إطلاق النار. الوفد الإسرائيلي يضم مسؤولين بارزين من الشاباك والموساد، على رأسهم غال هيرش ونائب رئيس جهاز الشاباك، والمستشار السياسي لنتنياهو أوفير فالك.
الملفات الأساسية تتركز حول انسحاب الاحتلال من قطاع غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، إلى جانب ضمانات حقيقية لوقف الحرب. المفاوضات تندرج برعاية أميركية وبوساطة قطرية ومصرية، وسط تقديرات ترجّح التوصل إلى صفقة جزئية تمتد لستين يوماً، على غرار اتفاق يناير الماضي.
حماس متمسكة بثلاثة مطالب أساسية: وقف القتل والنزوح، إنهاء سياسة التجويع، والانسحاب إلى حدود المنطقة العازلة. إسرائيل، من جهتها، تحاول انتزاع اتفاق لا يُلزمها بوقف دائم للحرب، وتعمل على ترسيخ واقع أمني جديد يجعل القطاع منطقة خالية من المقاومة.
في موازاة ذلك، يتوجه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب. اللقاء المرتقب يركّز على صياغة تصوّر مشترك لليوم التالي للحرب، بعيداً عن تفاصيل مفاوضات الدوحة.
التوجه الأميركي يميل نحو صيغة إدارة مؤقتة للقطاع، تجمع بين أطراف فلسطينية غير حزبية وهيئات دولية، مع نشر قوات حفظ سلام دولية، وضمانات أمنية تشمل نزع سلاح غزة كشرط أساسي لإعادة الإعمار.
الرؤية الإسرائيلية تقوم على استمرار السيطرة الميدانية في محاور استراتيجية مثل فيلادلفيا وموراغ، مع رفض واضح لأي انسحاب كامل. تل أبيب تراهن على كسب الوقت وفرض واقع سياسي وأمني جديد يمنع حماس من إعادة تشكيل بنيتها العسكرية أو السياسية.
الضغوط الداخلية على حكومة نتنياهو تتزايد، خاصة في ظل التعقيدات المتعلقة بملف الأسرى. الاحتلال يسعى لاستعادة عدد من المحتجزين بهدف تقليص أوراق القوة لدى حماس، مقابل تعزيز مواقفه التفاوضية في المشهد الإقليمي والدولي.
المشهد العام يؤشر إلى مفاوضات دقيقة تجري على حافة الهاوية، حيث تحاول كل الأطراف تجنب عودة التصعيد الشامل، من دون تقديم تنازلات تمس جوهر مصالحها الإستراتيجية. وفيما تتضح ملامح مرحلة ما بعد الحرب، تبقى غزة في عين العاصفة، بين الحصار والإعمار، وبين التهدئة والتهجير.