انقضاء مهلة الستين يومًا في لبنان: لحظة فارقة في مسار المواجهة وخروقات الاحتلال
مع انقضاء مهلة الستين يومًا المتفق عليها لوقف اطلاق النار في لبنان كانت الساعات الأخيرة بمثابة اختبار إرادة بين المقاومة والاحتلال. في تلك اللحظات الحاسمة، شهدت الساحة سلسلة من الخروقات من قبل الاحتلال، التي حاولت التقويض من الاتفاقات وتقديم الذريعة لتصعيد جديد. ولكن، كما عادتها المقاومة الاسلامية في لبنان كانت ردود فعلها محكومة بالحكمة والتزامها بثوابتها، لتثبت أن قوتها تكمن في الصمود والانضباط، وليس في الاستجابة للخروقات التي يسعى الاحتلال لفرضها.
انقضت مهلة الستين يومًا التي كانت بمثابة المهلة الفاصلة، التي اتفق عليها الطرفان في لبنان العدو الصهيوني الذي لم يلزم للحظة بأي اتفاق والمقاومة التي مازالت حتى الان ملتزمة بما نص عليه الاتفاق، لتشهد المنطقة مرحلة من الترقب المتواصل، والانتظار المشوب بالحذر. كانت الساعات الأخيرة من هذه المهلة تحمل في طياتها العديد من الأسئلة، والاحتمالات المتباينة، حول ما ستؤول إليه الأوضاع على الأرض. هذه المهلة، التي تم تحديدها للتهدئة وتخفيف حدة التصعيد العسكري على الحدود، شكلت اختبارًا حقيقيًا لإرادة الأطراف المتنازعة.
مع مرور كل يوم من هذه الفترة، كانت عيون الجميع تتجه إلى الحدود، حيث كانت التوترات تتصاعد بين الفينة والأخرى، مخلفة خلفها آثارًا من الخروقات والانتهاكات التي لم تكن لتوقف مسار الصراع الدائر. وفي الوقت الذي كانت فيه المقاومة تستعد لإثبات قدرتها على الدفاع عن الأرض والشعب، كان الاحتلال الإسرائيلي يواصل محاولاته لاستفزاز الوضع، آملاً في انتزاع مكاسب ميدانية أو تكتيكية.
ولكن مع انقضاء هذه المهلة، يبدأ التاريخ في تسجيل تلك اللحظة الفارقة، حيث يواجه كل طرف خياراته الاستراتيجية والميدانية في الساعات الأخيرة. هل ستكون هذه اللحظة بداية مرحلة جديدة من التصعيد؟ أم أن المقاومة ستظل ثابتة، مدفوعةً بعزيمة لا تنكسر، لتؤكد أنها كانت دائمًا على استعداد لإيقاف أي محاولة للمساس بسيادتها وأرضها؟
الساعات الأخيرة قبل انقضاء المهلة كانت حافلةً بالخروقات الصارخة من قبل الاحتلال، حيث تجددت الهجمات على المواقع العسكرية والمناطق الحدودية، محاولاً فرض واقع جديد يضع المقاومة في موقف رد الفعل بدلاً من الاستعداد للمراحل المقبلة. هذه الخروقات لم تكن مجرد تجاوزات عابرة؛ بل كانت تحمل رسالة واضحة: الاحتلال لا يلتزم بالاتفاقات، وأنه يسعى لاختبار حدود صبر المقاومة، بل ويواصل محاولاته لزعزعة الاستقرار على الأرض.
قبل ساعات من انقضاء المهلة، نفذ الاحتلال سلسلة من الهجمات الجوية المدروسة ضد مواقع عسكرية استراتيجية للمقاومة على الجبهات الحدودية. هذه الهجمات لم تكن عشوائية، بل كانت تستهدف نقاطًا حساسة تعزز من قدرة المقاومة على الرد السريع. في حين أن الاحتلال كان يراهن على إضعاف المقاومة وضرب قوتها العسكرية، فقد كانت هذه الهجمات بمثابة خرق واضح للتهدئة التي تم التوصل إليها، وهو ما يثبت أن الاحتلال لم يكن حريصًا على الاستقرار، بل كان يهدف إلى تحويل ساعات التفاوض الأخيرة إلى فرصة لتحقيق مكاسب ميدانية، معتمدًا على الاعتداءات العسكرية.
في اللحظات التي كانت فيها المهلة تقترب من نهايتها، قام الاحتلال بعدد من الاستفزازات على الحدود، سواء عبر تعزيز وجوده العسكري أو شن عمليات تمشيط واسعة باستخدام الآليات العسكرية، ما أوجد حالة من التوتر الكبير على الجبهة. هذه الاستفزازات كانت تهدف إلى إرباك المقاومة وجعلها في حالة تأهب قصوى، بهدف دفعها إلى الرد على الهجمات الإسرائيلية، وبالتالي تحميلها المسؤولية عن التصعيد. ورغم محاولات الاحتلال استدراج المقاومة للرد على هذه الاستفزازات، بقيت المقاومة ثابتة في موقفها، حريصة على الحفاظ على الهدوء إلى آخر لحظة من المهلة.
بالإضافة إلى الهجمات على المواقع العسكرية، عمد الاحتلال إلى استهداف المناطق المدنية في عدة محاور على الحدود، مما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين جراء هذه الاعتداءات. هذا السلوك لم يكن مجرد تصعيد عسكري، بل كان محاولة واضحة من الاحتلال للتأثير على المدنيين ودفعهم نحو التوتر، في خطوة تهدف إلى ضرب جبهة الدعم الشعبي للمقاومة. الاحتلال حاول توظيف المدنيين كأداة للضغط على المقاومة، بهدف التأثير على معنوياتهم أو فرض تغييرات في واقع الصراع.
الساعات التي سبقت انقضاء المهلة، كثف الاحتلال من عمليات القصف المدفعي والجوي على مناطق عدة، محاولًا توجيه ضربات مركزة ضد مواقع تخزين الأسلحة أو منشآت استراتيجية. هذه العمليات لم تكن محض عمليات رد فعل، بل كانت تهدف إلى خلق حالة من الارتباك والإرهاق العسكري للمقاومة. ورغم ذلك، ظلت المقاومة تقف صامدة، وبدا واضحًا أن هذه المحاولات لا تؤثر في إرادتها، بل تزيد من عزيمتها على المضي قدمًا في مواجهة أي محاولة لتغيير المعادلة.
رغم جميع هذه الخروقات والانتهاكات المتواصلة، كان رد المقاومة حاسمًا: الثبات والالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل إليه حتى اللحظات الأخيرة. على الرغم من المحاولات الإسرائيلية المتكررة لاستفزاز المقاومة وتغيير قواعد اللعبة، حافظت المقاومة على موقفها الثابت، واختارت تجنب الرد العسكري المباشر، بالرغم من الضغط الهائل الذي تعرضت له على مختلف الأصعدة.
في هذا السياق، يمكن اعتبار هذه الخروقات الإسرائيلية بمثابة فشل ذريع لمخططات الاحتلال، الذي ظن أن المقاومة ستنجر وراء استفزازاته، بينما أظهرت المقاومة في اللحظات الأخيرة قوة استثنائية في ضبط النفس. ومع انقضاء مهلة الستين يومًا، يظل السؤال الأبرز: هل سيواصل الاحتلال محاولاته للضغط على المقاومة، أم أن الساعات القادمة ستشهد بداية مرحلة جديدة فلتبق العين دائما على الميدان.