أسرى الحرية.. عرس وطني و لحظة تاريخية في مسار النضال الفلسطيني
في لحظة تجسّد أسمى معاني الحرية والصمود وصل الأسرى الفلسطينيون المحررون إلى القاهرة، حامليْن رايات النصر والكرامة. هذه اللحظات التاريخية التي تحققت بفضل تضحيات الشعب الفلسطيني و مقاومته الباسلة، تأتي في سياق صفقة "طوفان الأقصى" التي أكدت مجددًا أن إرادة الفلسطينيين لا تنكسر. الأسرى الذين عاشوا سنوات طويلة خلف القضبان، عادوا ليكونوا رمزًا للحرية والصمود، ولكل من يقاوم الاحتلال في سبيل حقه في الأرض والكرامة.
وسط الفرح والدموع خط الفلسطينيون مجدا جديدا في مسيرتهم النضاليه حملت في طياتها أملًا جديدًا لشعب لا يعرف الاستسلام، وجسدًا حيًا لإرادة لا تنكسر. هذا الإنجاز، الذي تم في إطار صفقة "طوفان الأقصى"، ليس مجرد تحرير لعدد من الأسرى، بل هو شهادة حية على تلاحم الشعب الفلسطيني ومقاومته في وجه أعتى الطغاة. من القاهرة، وفي أحضان العائلة، وبين الأيادي المرفوعة بالإيمان بالحرية، بدأ هذا العرس الوطني الذي يبعث رسالة أمل لكل أسير في سجون الاحتلال: أن الطريق إلى الحرية مهما طال، سيظل مفتوحًا بقوة الإرادة.
بكل فخر واعتزاز، تجمعت حشود من قيادات حركة حماس والفصائل الفلسطينية في مطار القاهرة الدولي، لاستقبال الأسرى الذين كانوا منذ أيامٍ فقط يقبعون خلف القضبان في سجون الاحتلال. لحظات اللقاء الأولى كانت بمثابة فصل جديد في سجل الكفاح الفلسطيني، حيث أظهر الأسرى قوتهم، بعد أن تحملوا جحيم السجون، ليعيدوا كتابة تاريخ الحرية.
كانت تلك اللحظات الأولى، لحظات فوزٍ كبير لم يقتصر على الأسرى فقط، بل شمل كل فلسطيني حر يطمح لرفعة شعبه وحقه في حياة كريمة. قبلة من العائلة، نظرة من الأب أو الأم التي انتظرت طويلاً لرؤية فلذة كبدها في هذا اليوم، كانت لحظات التقاء الذكريات مع الحاضر، وكان اللقاء صرخة في وجه الاحتلال: "لن تنكسر إرادتنا".
من بين الصور المؤثرة التي لن تُنسى أبدًا، تلك التي يلتقي فيها الأسرى المحررين بعوائلهم فور وصوله إلى القاهرة. لحظة العناق كانت تحمل في طياتها مشاعر مختلطة من الفرح والأسى. كانت هذه اللحظة، التي عبرت فيها العيون عن معاناة سنوات من الأسر، بمثابة تجسيد لحياة ما بعد الظلم. العائلة كانت تمثل الوطن بأسره، وتلك اللحظة لم تكن مجرد لقاء بين فردين، بل كانت تجسيدًا لحلم شعب بأكمله في استعادة حقوقه وتحرير أرضه.
وفي إطار هذا الحدث الاستثنائي ألقى زاهر جبارين حركة حماس في الضفة الغربية، كلمة حافلة بالمعاني العميقة، التي أكدت على عظمة هذا الإنجاز. حيث وصف المعركة التي أسفرت عن تحرير الأسرى بأنها "محطة نضالية مشرقة"، واعتبر أن هذه المعركة لم تكن مجرد جولة في صراع طويل، بل هي شهادة على قدرة الشعب الفلسطيني على انتزاع حقوقه مهما بلغت التضحيات.
وأوضح جبارين أن تحرير الأسرى هو "عرس وطني" يمثل وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، ويؤكد أن "تلاحم شعبنا ومقاومته هو الطريق الوحيد لتحقيق التحرير الكامل والكرامة الوطنية". كما أضاف بأن صمود وتضحيات أبناء شعبنا، خاصة في غزة، كانت هي الركيزة الأساسية لهذا الإنجاز التاريخي، مؤكداً: "غزة العزة أثبتت أنها قلعة الصمود والإرادة التي لا تنكسر".
غزة... بوصلة الحرية
وأكد جبارين أن غزة، بكل ما تقدمه من تضحيات، هي العمود الفقري للمقاومة الفلسطينية، التي أثبتت للعالم أنها لا تزال تحتفظ بقدرتها على الوقوف أمام آلة القتل الإسرائيلية. وأضاف قائلاً: "نحن نؤمن بأن الوفاء لأهل غزة الصامدة هو التزام دائم، يستدعي العمل المستمر لإعادة إعمار غزة وبلسمة جراحها، تقديرًا لتضحيات شعبنا الغالي".
وأكد جبارين في كلمته أن المقاومة الفلسطينية لن تتوقف عن سعيها لتحرير جميع الأسرى الفلسطينيين، وأن هذه الصفقة ليست سوى بداية الطريق نحو "تحرير آخر أسير فلسطيني". وقال في هذا السياق: "نجدد العهد للأسرى الذين لا يزالون خلف القضبان بأننا لن نتراجع حتى نحرر آخر أسير من سجون الاحتلال".
وأشار جبارين إلى أن هذا الإنجاز هو خطوة أخرى على "طريق الحرية الكاملة لشعبنا"، وأن إرادة الشعب الفلسطيني ستظل أقوى من كل قيود الاحتلال وظلمه، وأن الشعب الفلسطيني سيواصل مقاومته حتى ينال حقوقه كاملة، بما فيها تحرير الأرض والإنسان.
تحرير الأسرى ضمن صفقة "طوفان الأقصى" ليس فقط عملية تبادل أسرى، بل هو رسالة قوية إلى الاحتلال الإسرائيلي، مفادها أن الشعب الفلسطيني لا يزال قويًا وموحدًا، وقادرًا على فرض إرادته على أرضه. هذه اللحظة ليست نهاية المعركة، بل بداية فصل جديد في صراع طويل من أجل الحرية والكرامة.
إن مشهد وصول الأسرى المحررين إلى القاهرة هو "عرس وطني" يعبر عن وحدة الشعب الفلسطيني من المحيط إلى الخليج، وعن تمسكه الثابت بحقوقه. هذا الإنجاز يتجاوز كونه مجرد تحرير للأسرى، فهو خطوة كبيرة نحو تحقيق الهدف الأكبر: تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي.
رسالة إلى العالم: إرادة الشعب الفلسطيني لا تنكسر
إن نجاح عملية تبادل الأسرى هذه ليس مجرد انتصار عسكري أو سياسي، بل هو انتصار للشعب الفلسطيني في معركته العادلة ضد الاحتلال. يثبت أن المقاومة هي الطريق الوحيد لتحقيق الحقوق، وأن وحدة الشعب الفلسطيني هو العنصر الأساسي في مواجهة التحديات الكبرى. سيظل الأسرى المحررون من "طوفان الأقصى" رمزًا للصمود الفلسطيني، وشاهدًا حيًا على أن الشعب الفلسطيني قادر على كسر قيود الاحتلال، مهما كانت التضحيات.
أسرى الحرية.. ليسوا مجرد أبطالٍ محليين، بل هم رموز عالمية للكفاح ضد الظلم، وستظل إرادتهم مصدر إلهام لكل شعوب العالم الباحثة عن الحرية والعدالة.