25 كانون الثاني , 2025

غزة تُسقط أسطورة الاحتلال: هزيمة مدوية باعتراف النخب الإسرائيلية

حين تنكسر أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وتُعلن الحقيقة بين ركام الأكاذيب، يظهر في الأفق نصرٌ يتجاوز حدود الجغرافيا ليُلهب وجدان الأمة. في غزة، تلك الأرض المحاصرة بالحديد والنار، سقطت إسرائيل في اختبارها الأهم؛ اختبار القوة والهيمنة. ما بين مقاومة تُبدع في رسم معادلات جديدة، واحتلال يترنح تحت وطأة الفشل، تخرج كلمات قادة الاحتلال لتفضح ما حاولوا إخفاءه طويلًا: غزة انتصرت، والمقاومة بقيت واقفة على أطلال الهزيمة الإسرائيلية.

في غزة، حيث تتحول الأنقاض إلى شواهد على صمودٍ لا ينكسر، انهارت أسطورة الاحتلال أمام إرادة المقاومة. هناك، في تلك البقعة المحاصرة، كُتبت معادلة جديدة: قوة الحق تهزم حق القوة. وفي حين حاولت إسرائيل عبثًا إخفاء إخفاقاتها، نطقت الحقيقة على ألسنة قادتها، ليعلنوا ما لا يمكن إنكاره: غزة انتصرت، وإسرائيل هُزمت في ميدانٍ كان يُفترض أن يكون ملعبها.

 اهتزت أركان النخب السياسية والعسكرية الإسرائيلية عقب توقيع اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. لم يكد الحبر يجف على الاتفاق حتى توالت تصريحات قيادات إسرائيلية بارزة، من جنرالات إلى وزراء، تعترف بشكل واضح أن المنتصر في هذه المواجهة ليس سوى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في مقابل هزيمة مدوية للاحتلال.

الجنرال الإسرائيلي غيورا آيلاند، صاحب ما يُعرف بـ"خطة الجنرالات"، كان صريحًا في توصيف الموقف، حيث أكد في تصريحات للقناة الـ12 الإسرائيلية أن "جيش إسرائيل هزم في غزة، بينما انتصرت حماس". وأضاف آيلاند أن كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس، تستقبل آلاف طلبات الانتساب بعد انتهاء الحرب، ما يشير إلى تصاعد الدعم الشعبي للمقاومة.

وفي تحليله لأسباب الفشل الإسرائيلي، أوضح آيلاند أن "حماس لم تكتفِ بإفشال أهداف إسرائيل، بل حققت أهدافها الأساسية، وأهمها البقاء في الحكم". وأشار إلى أن اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار لا يمنع حماس من إعادة بناء قدراتها العسكرية، موضحًا أن أي عمل إسرائيلي ضد غزة في المستقبل سيعتبر خرقًا للاتفاق.

من جهته، لم يتردد وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر في الاعتراف بالهزيمة، قائلاً: "على الرغم من الضربات القوية التي وجهناها لحماس، لم نحقق أهداف الحرب". تصريحات ساعر جاءت لتؤكد الفشل الذي ألحقته المقاومة الفلسطينية بالاحتلال الإسرائيلي، وأظهرت عجز القيادة السياسية والعسكرية عن تحقيق أي إنجاز يُذكر.

من بين العوامل التي زادت من وقع الهزيمة الإسرائيلية، كانت قضية الأسيرات الإسرائيليات الثلاث اللواتي كن محتجزات في منطقة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة منذ شهور طويلة. هذه المنطقة، التي دمرها الاحتلال مرارًا واستخدمها كنقطة انطلاق للعمليات العسكرية ضد المقاومة، ظلت عصية على استخبارات الاحتلال، ما كشف عن فجوة كبيرة في قدراته الاستخباراتية والعسكرية.

هذه الصدمة دفعت الإعلام الإسرائيلي للاعتراف بأن جيش الاحتلال فشل في تحديد مكان احتجاز الأسيرات أو تحريرهن، وهو ما أظهر ضعفًا غير مسبوق في قدراته التشغيلية، حتى في مناطق يسيطر عليها بالكامل.

 أقر الإعلام الإسرائيلي بأن الاحتلال لم يتمكن من تفكيك حكم حماس في غزة أو إيجاد بديل حكومي لها، حتى بعد أكثر من عام من الحرب. هذه النتيجة أكدت أن المقاومة الفلسطينية لا تزال قادرة على الحفاظ على وجودها وتنظيمها، رغم الحصار والتدمير المستمر.

بل إن حماس نجحت في فرض معادلة جديدة في الصراع، حيث باتت المبادرة بيد المقاومة التي استطاعت الصمود أمام آلة الحرب الإسرائيلية، وأظهرت للعالم أجمع أن الاحتلال الإسرائيلي ليس سوى قوة هشة تفقد بوصلتها أمام إصرار الشعب الفلسطيني.

إن اعترافات النخب الإسرائيلية بالفشل ليست سوى تأكيد إضافي على أن معادلة القوة في غزة قد تغيّرت. لقد أثبتت المقاومة الفلسطينية أنها قادرة على تحقيق الانتصارات، ليس فقط على مستوى المواجهة العسكرية، بل أيضًا في كسر الهيمنة النفسية والسياسية للاحتلال.

هذا الانتصار، الذي يضاف إلى سجل المقاومة، يشكل رسالة قوية لكل الشعوب المقهورة بأن إرادة التحرر والكرامة قادرة على هزيمة أعتى الجيوش وأكثرها تسليحًا. وبالنسبة لإسرائيل، فإن هزيمتها في غزة لن تكون سوى بداية لانحدار أكبر في مشروعها الاستيطاني والاحتلالي.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen