نيويورك تايمز: غزة بعد الهدنة... حماس تصمد وتعيد ترسيخ نفوذها
بعد خمسة عشر شهراً من الحرب المدمرة، وتحت الأنقاض التي خلفتها القصف الإسرائيلي، تبرز غزة كرمز للصمود والتحدي. وفي تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، يتم تسليط الضوء على المشهد الذي أعقب اتفاق وقف إطلاق النار، حيث أظهرت حركة حماس قوتها وسيطرتها على القطاع من خلال استعراض علني لقوتها العسكرية، مؤكدًا أنها لا تزال القوة الفلسطينية الأقوى في غزة، رغم كل المحاولات التي استهدفت تقويضها.
بعد أكثر من 15 شهراً من القصف والدمار، يفتح قطاع غزة صفحة جديدة مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لكن المشهد الذي برز في شوارع القطاع كان بعيداً عن الاستسلام أو الضعف.
فوفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، أثبتت حركة حماس أنها ما زالت القوة المهيمنة في غزة، معززة حضورها الشعبي والسياسي عبر استعراض علني لقوتها العسكرية، لتبعث برسائل واضحة للداخل والخارج بأن محاولات إضعافها لم تؤتِ ثمارها.
وأوضحت الصحيفة أن الأجواء التي سادت غزة عقب الهدنة أكدت أن القاعدة الشعبية للحركة لم تتأثر، بل ظهر دعمها بوضوح، الأمر الذي يعزز مكانتها كأقوى طرف فلسطيني على الساحة.
ورصدت الصحيفة مشهداً لافتاً في صباح اليوم الأول من الهدنة، حيث تجول أعضاء ملثمون من الجناح العسكري لحماس في شوارع غزة على متن شاحنات بيضاء، يلوحون بأعلام الحركة ويحملون بنادق آلية. ووصفت هذا الاستعراض بأنه كان بمثابة مفاجأة حتى لبعض سكان غزة، الذين لم يتوقعوا أن يظهر عناصر المقاومة بهذه السرعة وبهذا التنظيم، بل وفي الزي العسكري الرسمي.
حلّلت الصحيفة الرسائل الضمنية التي حملها هذا الظهور العلني للمقاومين، مشيرة إلى أن حماس أرادت إيصال رسالة واضحة مفادها أنها صمدت أمام القصف الإسرائيلي العنيف، الذي كان يهدف إلى تقويض قوتها. وذكرت أن الحركة استطاعت الحفاظ على هيمنتها في القطاع، وأنها لا تزال الحزب الفلسطيني الأقوى، على الرغم من محاولات إضعافها.
وأوضحت الصحيفة أن استعراض القوة هذا تم تحديداً في مناطق بغزة شهدت أشد أنواع القصف الإسرائيلي، مما يعكس إصرار الحركة على التأكيد بأنها لا تزال قائمة في أكثر المناطق التي تعرضت للدمار.
ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية في غزة، مخيمر أبو سعدة، قوله إن القطاع تعرض لتدمير واسع النطاق من قبل الإسرائيليين، إلا أن حماس لا تزال قادرة على فرض سيطرتها.
وفي السياق نفسه، أشار المحلل السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، مايكل ميلشتاين، إلى أن حماس أثبتت أنها قادرة على فرض سيادتها في كل أنحاء غزة. ورغم اعترافه بأن الحركة أصبحت أضعف من ذي قبل، إلا أنه أكد أنها ما زالت قوة لا يمكن تجاوزها.
وتحدث التقرير عن التحركات الأخيرة لحماس، مشيراً إلى أنها تسعى من خلالها لتأكيد دورها في أي مناقشات مستقبلية حول إدارة غزة. وقالت الصحيفة إن استعراض القوة هذا يهدف إلى تعزيز موقع الحركة كلاعب رئيسي لا يمكن استبعاده من الترتيبات السياسية المقبلة.
ونقلت الصحيفة ردود أفعال أنصار حماس الذين أبدوا شعوراً بالارتياح تجاه استعراض الحركة لقوتها. وأوضح التقرير أن هذه المشاهد عززت لديهم الثقة بأن حماس لا تزال قوية وقادرة على حماية القطاع.
وأضافت نيويورك تايمز أن هذه التطورات تأتي في وقت حساس بالنسبة للمنطقة، حيث يتم البحث عن حلول سياسية قد تحدد مستقبل غزة. وخلصت الصحيفة إلى أن حماس، على الرغم من كل الضغوط، لا تزال تثبت أنها جزء أساسي من المعادلة الفلسطينية، ولا يمكن تجاهلها في أي سيناريو مقبل.