22 كانون الثاني , 2025

العدوان الإسرائيلي في جنوب لبنان: تصعيد ميداني وخرق متواصل في ظل صمت دولي

في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل على جنوب لبنان، تتزايد الخروقات العسكرية والانتهاكات للاحتلال، مستغلاً ما تبقى من مهلة الستين يومًا للانسحاب بعد وقف إطلاق النار من تفجيرات مدمرة إلى اقتحامات عسكرية يواصل العدو استهداف المدن والقرى اللبنانية، ما يترك وراءه دمارًا واسعًا في البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة. وفي مواجهة هذه التحديات، يواصل الجيش اللبناني جهوده لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة و رغم وحشية الاعتداءات، يبقى الشعب اللبناني صامدًا، متعهدًا بإعادة بناء مدنه التي لا تموت، في وجه آلة الحرب الإسرائيلية.

تستمر الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، التي تأخذ منحى تصعيديًا في الأيام الأخيرة، حيث يستغل الاحتلال ما تبقى من مهلة الستين يومًا الممنوحة له بعد وقف إطلاق النار لتنفيذ المزيد من الاعتداءات العسكرية، التي تمثل تهديدًا للأمن الإقليمي وتزيد من معاناة المدنيين في جنوب لبنان. تطور الاعتداءات يشمل استهدافًا للمدن والقرى، حيث شهدت الأيام الماضية عمليات تجريف وتدمير للطرق والبنى التحتية في مناطق استراتيجية مثل وادي السلوقي، مارون الراس، والقرى المحيطة مثل الظهيرة وحولا، ما أدى إلى تدمير واسع للمنازل والمرافق الحيوية، فضلاً عن خلق حالة من الهلع بين الأهالي الذين باتوا يعيشون في ظل ظروف إنسانية قاسية.

 وفي تصعيد آخر، قامت القوات الإسرائيلية بتنفيذ تفجيرات جديدة في منطقة وادي السلوقي، حيث تركزت هذه التفجيرات في المناطق السكنية والزراعية، ما أدى إلى تهدم المباني وتدمير المحاصيل الزراعية، وسط صمت دولي يثير المزيد من التساؤلات حول جدوى القرارات الأممية. كما نفذ العدو الإسرائيلي تفجيرات على أطراف بلدة حولا الجنوبية قبيل منتصف الليل، في عملية عسكرية همجية لم تميز بين المباني والطرقات، في محاولة لطمس كل مظاهر الحياة في المنطقة.

وفي وقت لاحق  تسللت قوات العدو عبر الأطراف الجنوبية الشرقية لمدينة بنت جبيل باتجاه بلدة مارون الراس، حيث استُخدم في هذه العمليات دبابات "ميركافا" وناقلات جند مدرعة في محاولة لإحداث اضطرابات في المنطقة. ورغم انسحاب قوات الاحتلال بعد أربع ساعات من التوغل، إلا أن العدوان قد ألحق دمارًا كبيرًا في الممتلكات العامة والخاصة، كما قام الاحتلال بمداهمة عدد من المنازل في بنت جبيل، مدعيًا بأنها خالية من السكان، ليقوم بتحطيم مداخلها وبواباتها وتنفيذ عمليات تفتيش دعائية تهدف إلى إيهام الرأي العام داخل الكيان الإسرائيلي بأنه يحقق انتصارات وهمية.

وفي مواجهة هذا التصعيد،  يواصل الجيش اللبناني تعزيز وجوده على الأرض، حيث استكمل الجيش اللبناني انتشاره في مدينة بنت جبيل، في خطوة تهدف إلى فرض الأمن وإعادة الاستقرار إلى المدينة التي شهدت أكبر قدر من الدمار وتم توثيق حجم الدمار الذي ألحقته الغارات الإسرائيلية بالمنازل والأحياء التجارية، حيث تظهر الصور من داخل المدينة حجم الخراب الكبير الذي لحق بالبنية التحتية، بما في ذلك أسواق المدينة ومراكزها البلدية وشبكات المياه والكهرباء

ويؤكد الأهالي الذين توافدوا إلى المدينة لتفقد ممتلكاتهم أن روحهم لا تزال صامدة، وأنهم سيباشرون فورًا عملية إعادة الإعمار "من أجل إحياء هذه المدينة التي لا تموت". كما يشيرون إلى عزيمتهم على الوقوف أمام التحديات التي فرضها العدوان، مشددين على أن لبنان، كعادته، سيبقى صامدًا في مواجهة أي اعتداءات.

وفي إطار استراتيجيته العسكرية، يماطل الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ التزاماته المتعلقة بالانسحاب من القرى الجنوبية، مستغلًا الفترة المتبقية من مهلة وقف إطلاق النار لأقصى حد ممكن بهدف إرباك الجيش اللبناني الذي استقدم تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المنطقة استعدادًا للانتشار في المواقع التي أخلاها مع بداية التوغل البري. وعلى الرغم من استعداد الجيش اللبناني الكامل لفرض السيطرة الكاملة على المنطقة في الوقت المناسب، فإن قوات الاحتلال تواصل عدم الالتزام بالهدنة ورفض الانسحاب الكامل، مما يزيد من حدة التوتر في المنطقة.

 وفي وقت تتزايد فيه الخروقات البرية، يستمر الاحتلال في استخدام الطائرات الاستطلاعية المكثفة، التي تحلق على ارتفاعات منخفضة فوق سماء جنوب لبنان، ما يمثل انتهاكًا صارخًا للقرارات الدولية التي تضمن سيادة لبنان على أراضيه. وتواصل القوات الإسرائيلية نصب كاميرات مراقبة وأجهزة تنصت وتجسس على الحدود اللبنانية، ما يعكس نية الاحتلال في مراقبة جميع التحركات داخل المنطقة بشكل دائم.

 وفي خطوة لتعزيز الأمن في المنطقة، دخلت قوة مدرعة من الجيش اللبناني إلى أطراف بلدة كفرحمام في منطقة العرقوب بالتنسيق مع قوات "اليونيفيل"، حيث يتم العمل على فرض الاستقرار ومنع أي تجاوزات من قبل القوات الإسرائيلية. كما يشهد الوضع العسكري على الأرض تزايدًا في التواجد العسكري اللبناني، حيث يتمركز الجيش اللبناني عند مداخل بلدات يارون، عيترون، مارون الراس، في محاولة لفرض حظر على دخول المدنيين بسبب استمرار تواجد قوات الاحتلال في بعض المناطق.

 في الوقت الذي تواصل فيه الخروقات الإسرائيلية، تواصل القوات الإسرائيلية تنفيذ عمليات نسف للمنازل في بلدة كفركلا، كما قامت باحراق منزل من طابقين في برج الملوك، بالإضافة إلى إحراق آليات تابعة لمشروع 800 في المنطقة. ولم تقتصر الاعتداءات على ذلك فحسب، بل أقدمت القوات الإسرائيلية على إشعال النيران في المنازل في الطيبة، وتفجير عدة مواقع غرب بلدة ميس الجبل، في إطار محاولاتها للضغط على السكان وإجبارهم على النزوح.

 إلى جانب المعاناة الإنسانية التي يعيشها أهل الجنوب اللبناني نتيجة هذا التصعيد المستمر، يبقى الأمل في إعادة البناء والإعمار قائمًا. بالرغم من الوحشية التي تظهرها الاعتداءات الإسرائيلية، فإن الجيش اللبناني والشعب اللبناني يظلان صامدين في وجه هذا العدوان، متعهدين بالتصدي له بكل الوسائل المتاحة، لإعادة الحياة إلى المدن التي تعرضت لأكبر قدر من الدمار.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen