غزة بين أنياب الحصار وأمل المساعدات: معاناة مستمرة رغم وقف العدوان
غزة، التي قاومت العدوان والجوع والعطش في آنٍ واحد، شهدت خلال الحصار الإسرائيلي الأخير معاناة إنسانية غير مسبوقة، حيث منع الاحتلال دخول معظم المساعدات واستهدف البنية التحتية للحياة، مما دفع السكان إلى استخدام مياه البحر للبقاء على قيد الحياة. ومع إعلان وقف إطلاق النار، بدأت شاحنات الإغاثة بالدخول عبر معابر خاضعة لسيطرة الاحتلال، في خطوة تكشف عن أمل هش في مواجهة دمار شامل وأزمة مستمرة تحتاج إلى أكثر من مجرد مساعدات عابرة.
شهد قطاع غزة أيامًا عصيبة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث فرضت قوات الاحتلال حصارًا خانقًا على المساعدات الإنسانية ومنعت دخول 83% من الإمدادات الغذائية إلى السكان المحاصرين، مما فاقم المعاناة الإنسانية بشكل غير مسبوق. حتى عمليات إسقاط المساعدات جوًا التي قامت بها دول عدة لم تكن مجدية، بل أضافت إلى الكارثة باستشهاد عشرات المدنيين نتيجة سقوط صناديق الإمدادات على رؤوسهم. سياسة الاحتلال خلال العدوان اعتمدت على استخدام الحصار كسلاح حرب، مما أدى إلى أزمة إنسانية خانقة شملت الجوع والعطش ونقص الوقود، وسط استهداف متعمد للبنية التحتية الحيوية.
وقبل العدوان كانت غزة تعاني أصلًا من أزمة حادة في المياه نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر، حيث انخفضت حصة الفرد اليومية من المياه إلى 26.8 لترًا فقط، وهو رقم بعيد جدًا عن المعايير الدولية التي تحدد حاجة الإنسان بـ100 لتر يوميًا. ومع استمرار القصف، دمر الاحتلال شبكات المياه ومنع دخول الوقود اللازم لتشغيل محطات التحلية، ما دفع السكان إلى استخدام مياه البحر للشرب والطهي، في مشهد يعكس مدى القسوة والانتهاكات الإنسانية بحق أهالي القطاع.
ومع إعلان وقف إطلاق النار، بدأت بوادر تخفيف المعاناة بدخول أولى شحنات المساعدات الإنسانية إلى القطاع، حيث أفادت مصادر مصرية بأن نحو 200 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والوقود دخلت عبر معبر كرم أبو سالم. كما أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن شحنات إضافية تضمنت مواد غذائية وطبية بدأت بالوصول عبر معبري كرم أبو سالم وزيكيم. ووفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار، فإن المرحلة الأولى منه تنص على إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا وفتح معبر رفح البري بعد أسبوع من تنفيذ الاتفاق.
ويُعد قطاع غزة محاصرًا بسبعة معابر رئيسية، ستة منها خاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي الذي يستخدمها أداة للتضييق على السكان، بينما يشكل معبر رفح، الخاضع لإشراف مصري وأوروبي، الشريان الوحيد الذي يربط غزة بالعالم الخارجي. وخلال العدوان الأخير، شهدت هذه المعابر استهدافًا مباشرًا بالقصف والتدمير، مما أدى إلى توقف حركة المرور وإعاقة دخول الإمدادات الإنسانية، حيث عمد الاحتلال إلى التحكم بفتح وإغلاق المعابر بشكل تعسفي لزيادة معاناة السكان.
ورغم دخول المساعدات، فإن قطاع غزة لا يزال يواجه تحديات إنسانية كارثية بعد أن تسبب العدوان في دمار شامل للبنية التحتية ومعاناة شديدة لسكانه، ما يتطلب جهودًا دولية جادة لرفع الحصار وإعادة الحياة إلى طبيعتها في هذه البقعة التي تحملت على مدى سنوات أعباء الحصار والعدوان.