17 كانون الثاني , 2025

اتفاق غزة.. شهادة على فشل مشروع العدوان، من الإقصاء إلى الإقرار بشروط المقاومة

تُقاس الحروب عادةً بنتائجها وفي حالة الحرب على غزة، كان الهدف الإسرائيلي والأمريكي المُعلن هو القضاء على حركة حماس. إلا أن الأحداث أفضت بعد مرور عام وشهرين إلى مفاوضات مع الحركة نفسها، انتهت باتفاق وفق شروط حماس، يقضي بإطلاق سراح الأسرى مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية المعتدية من غزة.

في تحول مفاجئ للأحداث، يبدو أن الكيان الإسرائيلي والحكومة اليمنية العنصرية الإرهابية التي يقودها بنيامين نتنياهو المدعومة من أمريكا والغرب، قد أُجبروا أخيرًا على التوصل إلى اتفاق مع المقاومة الإسلامية في غزة للإفراج عن أسرى الكيان لدى المقاومة. جاء هذا التحول بعد أن أدركوا أن القوة العسكرية لن تكون وسيلة ناجعة لتحرير أسرهم، رغم سلسلة الفظائع والجرائم التي ارتكبها الكيان في غزة طوال أكثر من عام.

يشير اتفاق وقف إطلاق النار في غزة إلى حقيقة واحدة، وهي فشل المشروع الأمريكي الغربي الإسرائيلي في القضاء على المقاومة في غزة، ومن خلفها المقاومة في المنطقة رغم الحرب غير المتكافئة بين أمريكا والغرب والكيان الإسرائيلي من جهة، وفصائل المقاومة في غزة من جهة أخرى.

فكل أهداف المشروع الأمريكي لم تتحقق، رغم سياسة الأرض المحروقة التي استخدمها العالم المتحضر في غزة طوال 14 شهرًا.

الاتفاق الذي وقعته إسرائيل مع حماس، والذي تم التوصل إليه رغم تضحيات أشرف أبناء الأمة، مثل قادة محور المقاومة، وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله ويحيى السنوار، كان بمثابة ضربة قاسية لنتنياهو وأعضاء حكومته الإرهابية، مثل بن غفير وسيموتريش وهاليفي وكاتسن وأكد ما هو المؤكد: إذا كان الكيان الإسرائيلي يدعي القوة التي يحاول الترويج لها، وكانت حماس والمقاومة ضعيفتين كما يصور الكيان، فلماذا اختارت إسرائيل وأصدقاؤها الأمريكيون خيار التفاوض؟

لقد أثبتت حماس أنها عصية على التدمير والإلغاء، فهي باقية وجذورها تمتد في أعماق أرض فلسطين، وأصبحت هذه الحقيقة أكثر وضوحًا بعد الاتفاق، حتى لنتنياهو وبايدن. فإسرائيل وأمريكا لا يتفاوضان ولا يعقدان اتفاقات أو صفقات مع طرف ضعيف في طريقه إلى الزوال.

الإنجاز الوحيد الذي حققه الكيان الإسرائيلي خلال عام وشهرين هو قتله عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، وهدمه أكثر من 80% من منازل غزة، في محاولة للتغطية على هزيمته النكراء أمام صمود المقاومين، الذين أذلوا الاحتلال وحماته الغربيين وأمريكا في مقدمتهم.

من اليوم سيجد نتنياهو نفسه مطاردًا من المستوطنين ومن أعضاء حكومته العنصرية الذين يرون في الاتفاق هزيمة نكراء لكيانهم أمام حماس والمقاومة، وسيهددون بسقوط حكومته.

كما سيجد نفسه محاصرًا من لجنة التحقيق في معركة "طوفان الأقصى" التي كسرت هيبة الكيان، وسيلاحقه الفساد عبر المحاكم الإسرائيلية.

ومع الوقت، ستجد هذه المحاكم أن الفرصة سانحة للانتقام منه. كما سيجد نفسه محاصرًا من قبل المحكمة الجنائية الدولية كمجرم حرب،ومن الرأي العام العالمي، وخاصة الأمريكي والغربي على ما ارتكبه من جرائم ضد الإنسانية. وكل هذه المطاردات ستجبر أمريكا على رفع يدها عنه بعد فشله في تحقيق أهدافها في غزة، رغم الدعم المكلف الذي قدمته له.

إسرائيل وأمريكا لا يفهمان إلا لغة القوة، وقوة حماس والمقاومة في غزة والجبهات اللبنانية واليمنية والعراقية أجبرت هذا الثنائي على العودة، رغم أنفهم إلى مربع الاتفاق، وهو صفقة طالما تهربوا منها بكل الوسائل.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen