لبنان يفتح صفحة جديدة: انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً في مرحلةٍ تاريخية حافلة بالتحديات
في لحظةٍ تاريخيةٍ حاسمة، شهد لبنان يوم امس انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية، في خطوةٍ أكدت أن السيادة الوطنية لا تُبنى إلا بالدماء والوفاق الوطني الذي يتجاوز كل الخلافات، دخل الدخان الأبيض إلى مجلس النواب ليحمل معه بشائر أملٍ وطني جديد، لولا تضحية الشهداء، لما كان هذا الاستحقاق ليُنجز، ولما كانت البلاد قد قطعت مرحلة الفراغ الرئاسي الطويل في لحظة انبعثت الأصوات الوطنية محملةً بعهدٍ جديدٍ للسيادة و الاستقرار، وبناءِ مستقبلٍ صامدٍ، يواجه كافة التحديات الماثلة أمام لبنان.
كما كنا حماةَ السيادةِ، نحنُ حماةُ الوفاقِ الوطني، ولولا الدمُ القاني ما كانَ دخانٌ أبيضُ يتصاعدُ من الجلساتِ النيابيةِ لانتخابِ الرئيسِ الرابعَ عشرَ للبنان.
هكذا أوضحَ رئيسُ كتلةِ الوفاءِ للمقاومةِ النائبُ محمد رعد بكلِّ صدقٍ وإتقانٍ صوتَ الثنائيِّ الوطنيِّ المرجِّح، الذي مكَّنَ مجلسَ النوابِ في جلسةٍ ثانيةٍ لانتخابِ العماد جوزيف عون رئيساً للجمهوريةِ اللبنانيةِ بتسعةٍ وتسعينَ صوتاً. وبذلك، أصبحَ الرئيسُ الجديدُ رمزاً لوحدةِ الوطنِ في مرحلةٍ تاريخيةٍ مليئةٍ بالتحدياتِ الجسامِ التي يعيشها لبنان والمنطقة، وهو يُنتظر أن يكونَ صوتًا جامعًا يعكس تطلعاتِ جميع اللبنانيين في مواجهةِ ما يمرّ به وطنهم من أزمات.
وبذلك، أصبحَ العماد جوزيف عون الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية، في خطوةٍ تاريخيةٍ تعكس التزام اللبنانيين بالوفاق الوطني رغم كل التحديات والضغوط الداخلية والخارجية. فالرئيس الجديد جاء إلى سدة الرئاسة في وقتٍ صعب، حيث كانت البلاد تعيش فراغًا رئاسيًا دام أكثر من عامين، وهو ما يتطلب قيادة حكيمة قادرة على تجميع الأطراف المتفرقة وإعادة الاستقرار إلى الوطن.
وكان الترحيب الكبير من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أكد بدوره أن انتخاب الرئيس عون يمثل خطوة هامة نحو استعادة المؤسسات للدور الفاعل في إدارة شؤون البلاد. بري أشار إلى أن الاتفاق الذي تحقق بين مختلف القوى الوطنية كان الأساس في إتمام هذا الاستحقاق الرئاسي، مشددًا على أهمية الحفاظ على السيادة الوطنية والقرار المستقل، بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي لطالما حاولت التأثير على الساحة اللبنانية.
في خطاب القسم الذي ألقاه أمام المجلس، تعهد الرئيس عون بمجموعة من الأهداف الكبرى التي سيعمل على تحقيقها في فترة ولايته. أولها، حماية حدود لبنان في وجه الاعتداءات المستمرة من العدو الإسرائيلي، وتعزيز الدفاع الوطني من خلال تكامل العمل بين المقاومة والدولة والجيش. كما أكد على ضرورة إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي على الجنوب، والعمل على استرجاع حقوق المودعين الذين فقدوا أموالهم بسبب الأزمة الاقتصادية.
الرئيس عون أكد أيضًا على ضرورة حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للبنانيين، ووعد بتحقيق العدالة في الملفات العالقة، خاصةً في ما يتعلق بالفساد وملفات المحاسبة. وأشار إلى أن لبنان في مرحلة تاريخية مفصلية، حيث يتعين على جميع الأطراف أن يتعاونوا من أجل النهوض بالبلاد، متوجهًا إلى الشعب اللبناني بضرورة إظهار الوحدة في مواجهة كافة التحديات.
ومن أبرز ما ورد في خطاب الرئيس عون هو تعهده بمواجهة كل محاولات الفتنة التي قد تهدد استقرار الساحة اللبنانية، مؤكدًا أن لبنان سيبقى ملتزمًا بثوابته الوطنية، وسيحافظ على دوره المحوري في المنطقة كحصن منيع ضد كل ما قد يهدد سيادته وأمنه.
في هذه اللحظات الحاسمة، يعبر لبنان عن إصراره على تجاوز أزماته الداخلية والخارجية، وهو يتطلع إلى أيامٍ أفضل بقيادة رئيسٍ جديدٍ يعكس تطلعات الشعب اللبناني بأسره. ويبقى العمل أمام الرئيس عون طويلًا وشاقًا، ولكنه فرصة تاريخية لتجديد الأمل في شعبه ووطنه.
ليجسد هذا اليوم علامة فارقة في تاريخ لبنان، حيث انتهى الفراغ الرئاسي الذي طال لسنوات، ولكن التحديات لا تزال قائمة والفرصة قائمة أمام الجميع ليترجموا الأقوال إلى أفعال فالعمل بدأ يوم الانتخاب والعهدة على الأيام القادمة.