اليمن: قوة الردع التي هزمت القبة الحديدية وأعادت صياغة موازين القوى العالمية
مع تسارع العمليات العسكرية اليمنية التي استهدفت العمق الفلسطيني المحتل، يعترف تقرير لمعهد دراسات "الأمن القومي" الإسرائيلي بفشل منظومات الدفاع الإسرائيلية القبة الحديدية في مواجهة الصواريخ اليمنية التي تجاوزت هذه الدفاعات الفائقة. اليمن، التي تعرضت لعدوان وحصار مستمر، نجحت في تحويل موازين القوى لصالحها، مؤكدة أن الإرادة السياسية والعسكرية يمكن أن تتغلب على أعتى الجيوش.
في قلب معادلات المعركة المتشابكة، برز اليمن كقوة إقليمية فاعلة، محطماً الأسطورة الأمنية الإسرائيلية ومغيراً قواعد اللعبة بصلابة إرادته وابتكاره العسكري. لم تعد "القبة الحديدية"، التي طالما تغنى بها الاحتلال كدرع لا يُخترق، عصية على الصواريخ اليمنية التي تجاوزت الحدود وفرضت معادلة ردع جديدة. هنا، حيث تتداخل الإرادة مع التكنولوجيا، وحيث يُعاد تعريف موازين القوى، يقف اليمن معلناً أن زمن الهيمنة المطلقة قد انتهى، وأن المعادلات الإقليمية تُكتب اليوم بحبر المقاومة والإصرار مثبتا للعالم أن القوة العسكرية لا تُقاس بالعتاد فقط، بل بإصرار الشعوب على نيل حقوقها وفرض كلمتها.
وفي ظل تصاعد الأحداث الإقليمية واشتداد المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي، بات المشهد واضحًا: اليمن لم يعد مجرد متضامنٍ مع القضية الفلسطينية، بل لاعبًا فاعلًا في معادلات الردع الإقليمية. تحليل جديد أصدره معهد دراسات "الأمن القومي" الإسرائيلي يعترف بواقع مغاير لما كان مأمولًا لدى العدو، مؤكدًا استحالة تحقيق معادلة ردع ضد اليمنيين، الذين باتوا يمتلكون قوة عسكرية متطورة، وإرادة صلبة لا تلين.
بحسب التقرير، تمكّنت الصواريخ اليمنية خلال الضربات الأخيرة من تجاوز منظومة "القبة الحديدية"، التي طالما روّج لها الاحتلال كدرع حصين ضد أي تهديد صاروخي. هذا النجاح الاستراتيجي لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة تطور نوعي في القدرات الصاروخية والتكتيكات العسكرية التي تدمج بين التكنولوجيا والإرادة السياسية الراسخة.
أشار التقرير إلى أن الضربات اليمنية لم تكن مجرد استهداف عشوائي، بل سعت إلى تحقيق هدف استراتيجي يتمثل في إنهاك المستوطنين الإسرائيليين، ما يُلقي بظلاله الثقيلة على حكومة الاحتلال، ويزيد الضغط عليها لإنهاء عدوانها على غزة.
في المقابل، حاولت إسرائيل استهداف البنية التحتية المدنية والعسكرية في اليمن عبر سلسلة غارات عدوانية، إلا أن التقرير الإسرائيلي يؤكد أن هذه العمليات لم تحقق شيئًا يُذكر، بل زادت من صلابة اليمنيين وإصرارهم على مواصلة الردع.
إن ما يثير قلق المحللين الإسرائيليين ليس فقط الفشل العسكري في وقف العمليات اليمنية، بل أيضًا الرسائل السياسية التي تحملها تلك الضربات. فهي تؤكد أن اليمن لا يُساوم على موقفه المبدئي من دعم القضية الفلسطينية ومناهضة الاحتلال الإسرائيلي، ما يجعل من صنعاء محورًا جديدًا في معادلة المقاومة الإقليمية.
يعزو التقرير الإسرائيلي قوة الردع اليمنية إلى عدة عوامل رئيسية ابرزها الإرادة السياسية الراسخة التي اكد اليمنيون، قيادة وشعبًا، من خلالها أنهم جزء لا يتجزأ من محور المقاومة، وأنهم مستعدون لتحمّل كافة التحديات في سبيل نصرة فلسطين.
تطور القدرات العسكرية حيث ستطاع اليمن تطوير منظومة صاروخية متقدمة، قادرة على اختراق أعقد أنظمة الدفاع الجوي، مثل "القبة الحديدية" و"ثاد".
التكامل مع محور المقاومة فاليمن لم تتحرك بمعزل عن محيطها الإقليمي، بل تتناغم عملياتها مع أهداف المقاومة في لبنان، غزة، والعراق، ما يعزز من تأثيرها الاستراتيجي.
يرى معهد "الأمن القومي" الإسرائيلي أن فشل إسرائيل في كبح التصعيد اليمني يحمل رسائل واضحة للعدو الإسرائيلي أن قدرته على فرض الهيمنة الإقليمية باتت تتآكل، وأن أي عدوان على غزة أو أي جزء من محور المقاومة سيُقابل بردود فعل تتجاوز حدوده الجغرافية ورسالة للعالم أن معادلات القوة التقليدية في المنطقة تشهد تغيرًا جذريًا، وأن اليمن أصبح لاعبًا لا يمكن تجاوزه.
لم تعد معادلة الردع اليمنية مجرد أداة عسكرية، بل تحولت إلى نموذج مقاومة شامل يُلهم الشعوب المظلومة، ويفتح أفقًا جديدًا للتصدي للهيمنة الإسرائيلية والأمريكية.
من الواضح أن اليمن، رغم ما يعانيه من حصار وعدوان، نجح في تحويل ضعفه إلى قوة، وفي كتابة فصل جديد من تاريخ المقاومة العربية، عنوانه: لستم وحدكم.