28 كانون الاول , 2024

مستشفى كمال عدوان: جريمة حرب مكتملة الأركان وخرق صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية

في مشهد يتجاوز حدود المأساة الإنسانية ليصبح شاهدًا على وحشية لا تعرف حدودًا، أقدم الاحتلال الإسرائيلي على إحراق مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، ذلك الصرح الطبي الذي كان رمزًا للصمود الفلسطيني وملاذًا للجرحى والمرضى. بأيدٍ مُلطخة بدماء الأبرياء، أجبر جيش الاحتلال الطواقم الطبية والمرضى على الخروج تحت تهديد السلاح، في مشهد يُجسد أبشع صور الانتهاك للكرامة الإنسانية في جريمة جديدة تُضاف إلى سجلٍ طويل من الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج.

في جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الاحتلال الإسرائيلي الحافل بالدمار والانتهاكات، أقدم جيش الاحتلال على إحراق مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، في هجومٍ وحشي تجاوز كل القوانين والأعراف الدولية. المستشفى، الذي كان ملاذًا للمرضى والجرحى، أصبح هدفًا لآلة الحرب الإسرائيلية، في خطوةٍ تهدف إلى تدمير ما تبقى من النظام الصحي في القطاع المحاصر.

بدأت فصول المأساة مع اقتحام قوات الاحتلال للمستشفى، حيث أُجبرت الطواقم الطبية والمرضى على الخروج تحت تهديد السلاح، وتم احتجازهم في ظروف قاسية، وصلت حد إجبارهم على خلع ملابسهم في البرد القارس. وبعد الإخلاء القسري، أقدم الاحتلال على إحراق أقسام العمليات والجراحة والمختبر والصيانة، مما أدى إلى انتشار النيران في كل أرجاء المستشفى، ليُخرج بذلك آخر المستشفيات العاملة في شمال غزة عن الخدمة.

ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، أسفرت الجربمة عن استشهاد خمسين شخصًا، بينهم خمسة من الكوادر الطبية الذين قضوا أثناء محاولتهم إنقاذ المرضى. كما استشهد طبيب أطفال وفنية مختبر، بينما لا تزال جثث بعض المسعفين ملقاة في الشوارع المحيطة بالمستشفى.

هذه الجريمة تأتي ضمن ما يُعرف بـ"خطة الجنرالات"، التي تسعى لتهجير سكان شمال قطاع غزة بشكل كامل، وتحويل المنطقة إلى منطقة عسكرية مغلقة تحت سيطرة الاحتلال. وبينما يُروج الاحتلال مزاعم بوجود مسلحين داخل المستشفى، أكد مسؤولون في حركة حماس ومنظمات دولية أن هذه الادعاءات باطلة، وتُستخدم فقط لتبرير جرائم الإبادة الجماعية.

لقيت جريمة إحراق مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة تنديدًا واسعًا من جهات محلية ودولية، وصفت هذا الاعتداء بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان وخرق صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية.

وزارة الصحة الفلسطينية أكدت أن استهداف المستشفى يعكس سياسة ممنهجة للقضاء على النظام الصحي في قطاع غزة، ضمن مخطط تهجير السكان وتدمير البنية التحتية، ووصفت الهجوم بأنه جزء من سياسة الإبادة الجماعية التي تمارسها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.

من جهتها، حركة حماس أدانت على لسان القيادي أسامة حمدان الجريمة واعتبرتها تنفيذًا لما يُعرف بـ"خطة الجنرالات"، الهادفة لتهجير سكان شمال القطاع ومنع أي مظاهر للصمود المدني. ونفى حمدان وجود أي مسلحين داخل المستشفى، متهمًا الاحتلال بترويج الأكاذيب لتبرير جرائمه، ومؤكدًا أن الاحتلال يرفض كل المبادرات لوقف إطلاق النار ويصر على إبادة الشعب الفلسطيني.

كما اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي استهداف المستشفى "وصمة عار" على جبين الحكومات والمؤسسات الصامتة عن هذه الجرائم. وأكدت الحركة أن هذه الاعتداءات تأتي بدعم وتسليح أمريكي، ما يعكس التواطؤ الدولي مع الاحتلال.

بدورها، وصفت منظمة الصحة العالمية ما تعرضت له مستشفى كمال عدوان بأنه "مروع"، مشيرة إلى أن هذا الهجوم يمثل عقابًا جماعيًا للسكان المدنيين في غزة.

أما منظمة أطباء بلا حدود، فقد شددت على أن استهداف المنشآت الطبية شمال القطاع يُفاقم معاناة السكان المدنيين، خاصة بعد خروج جميع المستشفيات عن الخدمة، وطالبت بتحييد المنشآت الطبية فورًا لتوفير الخدمات الأساسية للمرضى.

في ظل هذه الجرائم، تتصاعد الأصوات المطالبة بتحرك دولي عاجل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، وإنقاذ ما تبقى من النظام الصحي المتهالك في قطاع غزة.

إن إحراق مستشفى كمال عدوان ليس مجرد جريمة حرب، بل هو جزء من محاولة ممنهجة للقضاء على صمود الشعب الفلسطيني وسلبه حقه في الحياة. ورغم حجم المأساة، يظل الفلسطينيون يُثبتون يومًا بعد يوم أن إرادة الحياة والصمود أقوى من كل محاولات الإبادة.

أمام هذا الإجرام المتواصل، يقف العالم مطالبًا بتجاوز الصمت المعيب واتخاذ خطوات جادة لإنقاذ غزة. فإبقاء المستشفيات والمراكز الطبية في مرمى نيران الاحتلال يُعد وصمة عار على جبين الإنسانية، وصرخة استغاثة يجب أن تجد صداها قبل أن تُطفأ آخر أنفاس الحياة في القطاع المحاصر.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen