التصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان: خروقات مستمرة وتهديد لسيادة الوطن
شهد جنوب لبنان تصعيد خطير، مع توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق القنطرة وعدشيت ووادي الحجير، في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار. هذا الاعتداء الذي استهدف الأرض والإنسان يكشف عن نوايا عدوانية لا تتوقف، لكنه يقابل بثبات لبناني يجمع بين المقاومة والجيش والشعب، في رسالة واضحة بأن السيادة الوطنية ليست قابلة للتفاوض أو التهاون.
لم يكن الصباح في جنوب لبنان كغيره، فهدوء القرى الجنوبية الذي اعتاد عليه الأهالي سرعان ما تلاشى تحت وطأة أصوات الدبابات الإسرائيلية المتوغلة في أراضي القنطرة وعدشيت القصير ووادي الحجير. مرة أخرى، يثبت الاحتلال أنه لا يلتزم بوقف إطلاق النار إلا كذريعة لتوسيع عدوانه، متناسياً قوة الأرض وأهلها الذين لطالما واجهوا غطرسته بثبات وإيمان.
فمنذ بدء وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024، أظهر العدو الإسرائيلي استمرارية في خروقاته المتهورة، غير عابئ بأي التزامات دولية أو اتفاقات، في تأكيد جديد على أن الاحتلال لا يردعه إلا القوة حيث سجلت الخروقات الإسرائيلية في الاىعه وعشرين ساعه الماضية تصعيداً جديداً في مناطق عدة جنوب لبنان، من بينها بلدة القنطرة، عدشيت، القصير، ووادي الحجير، حيث توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل سافر في هذه المناطق.
في تفاصيل هذا التصعيد، دخلت قوات الاحتلال بلدة القنطرة، وصولاً إلى نبع وادي الحجير، وأقدمت على قطع الطريق المؤدي إلى وادي السلوقي، الذي يتصل بقضاء بنت جبيل. في ذات الوقت شرع جيش الاحتلال في أعمال تجريف واسعة تهدف إلى فصل وادي الحجير عن وادي السلوقي، مستهدفًا البنية التحتية في المنطقة. هذا التوغل لم يقتصر على فرض وجود عسكري، بل تضمن تدمير العديد من المباني في بلديتي يارون وكفر كلا، مما يعكس استهدافاً مباشراً للمدنيين ومنازلهم.
رغم التصعيد الإسرائيلي، تدخل الجيش اللبناني لتعزيز وجوده في المناطق المتضررة، حيث دخل بلدة القنطرة برفقة سيارة إسعاف إثر إصابة أحد موظفي قوات اليونيفيل الدولية. البيان الرسمي للجيش اللبناني أكد استمرار العدو في خرق وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن قوات الاحتلال توغلت في عدة نقاط في القنطرة وعدشيت والقصير ووادي الحجير، بينما قام الجيش اللبناني بتعزيز انتشاره في هذه المناطق. وأضاف البيان أن القيادة اللبنانية تتابع الوضع بالتنسيق مع قوات اليونيفيل واللجنة الخماسية للإشراف على الاتفاق.
على الرغم من الهدنة التي جرى الاتفاق عليها في نوفمبر 2024، أصر الاحتلال على استغلال هذه الفترة لتوسيع نطاق اعتداءاته. لقد أكد الجيش اللبناني أن التوغل الإسرائيلي الأخير يمثل خرقاً خطيراً للاتفاق، مشيراً إلى أن الاحتلال يسعى إلى توسيع حدود سيطرته على الأراضي اللبنانية، من خلال انتهاك سيادة لبنان والاعتداء على المواطنين في الجنوب.
الانتهاكات الإسرائيلية كانت لها آثار إنسانية مباشرة، حيث أدى التوغل الإسرائيلي إلى نزوح العديد من الأهالي من بلدة القنطرة إلى المناطق المجاورة مثل الغندورية وصريفا. بلدية مجدل سلم أصدرت بياناً طالبت فيه المواطنين بتجنب طريق السلوقي – الحجير نحو النبطية بسبب الوضع الأمني المتأزم، بينما قام الجيش اللبناني بإغلاق الطرق المؤدية إلى وادي الحجير بدءاً من مركزه عند جسر قعقعية الجسر.
وفي خرق آخر، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام عن تحليق مستمر للطيران الاستطلاعي الإسرائيلي في أجواء القطاعين الأوسط والغربي في الجنوب اللبناني، حيث غطت الطائرات الإسرائيلية أجواء الناقورة وبنت جبيل ووادي الحجير، مما يزيد من حدة التوتر في المنطقة.
إن هذا التصعيد الإسرائيلي ليس سوى لعب بالنار على مرأى من المعنيين الدوليين، بما في ذلك الأمريكيين والفرنسيين والأمم المتحدة، الذين يظلون عاجزين عن اتخاذ موقف حازم في مواجهة هذه الانتهاكات. وفي هذا السياق، يصبح الرد اللبناني على هذه الانتهاكات مسؤولية وطنية تتطلب تضافر جهود الدولة اللبنانية، الجيش، وكل من يدعي انتساباً لسيادة لبنان.
إن ما جرى اليوم من تصعيد يشكل تأكيدًا إضافيًا على أن حماية لبنان هي مسؤولية كبرى، وهي مسؤولية حملها المقاومون عن الجميع. هؤلاء المقاومون، الذين لا يزالون يشكلون الحائط المنيع أمام أي عدوان إسرائيلي، سيظلون عند هذا الحمل بكل إتقان، مواصلين دورهم في حماية لبنان. فكلما زادت التهديدات، زادت عزمهم على الدفاع عن سيادة الوطن واستقلاله.