المقاومة الفلسطينية تسطّر ملاحم بطولية بعمليات نوعية تهزّ أركان الاحتلال من مسافة صفر
بين أزقّة بيت حانون وسماء نتساريم، تُسطر غزة حكايات من نار وإيمان، تُسقط فيها غطرسة الاحتلال وتعيد رسم معادلات القوة على طريقتها الخاصة ،يومٌ جديد يمرّ، ويومٌ آخر تثبت فيه المقاومة أنّها ليست مجرد بندقية بيد مقاتل، بل هي فكرةٌ لا تُهزم، وعقيدةٌ تتجدد مع كل شهيد.
من بين أنقاض المنازل المدمّرة وصيحات الصمود التي تعلو من بين الركام، تقف غزة، شامخة رغم الجراح، لتروي للعالم قصة مقاومة شعب لا يلين. لليوم الـ445 على التوالي، تُسطّر المقاومة الفلسطينية صفحات مشرقة من البطولة، متحدّية آلة الحرب الإسرائيلية بكل ما أوتيت من إيمان وعزيمة. من بيت حانون شمالاً إلى نتساريم جنوباً، تُثبت المقاومة أنّ إرادة الشعوب الحرة قادرة على كسر الغطرسة العسكرية مهما بلغت من قوة.
في إحدى العمليات التي تعكس ذكاءً تكتيكياً عالياً، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عن استدراج قوة مشاة إسرائيلية مكوّنة من 12 جندياً إلى منزل مفخخ في منطقة العزبة غربي بيت حانون. بتفجير المنزل المحصّن بعد دخول القوة إليه، وجّهت المقاومة ضربة موجعة للاحتلال. ولم يتوقف المشهد عند هذا الحد؛ إذ تم استهداف آلية عسكرية من نوع "ميركافا" بعبوة متطوّرة، ما زاد من خسائر الاحتلال.
في منطقة "عبد الدايم" غربي بيت حانون، اشتبكت المقاومة الفلسطينية مع جنود الاحتلال من مسافة صفر، مستخدمةً الأسلحة المتوسطة والقذائف المضادة للأفراد. هذه المعارك التي اتسمت بالجرأة والمهارة العسكرية، كشفت مدى تدهور معنويات الجنود الإسرائيليين، الذين وجدوا أنفسهم محاصرين أمام مقاومين لا يخشون الموت.
هذا و قامت كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، بقصف محور "نتساريم" في محيط "قصر العدل" بصواريخ قصيرة المدى. هذه الضربات أضافت زخماً إلى العمليات المقاومة وأكدت تكامل الأذرع العسكرية في غزة، رغم تعدّد الفصائل والانتماءات.
رغم محاولات الجيش الإسرائيلي المستميتة للتعتيم على حجم خسائره، أعلن المتحدث باسم "جيش" الاحتلال عن مقتل ثلاثة من جنوده، بينهم نائب قائد سرية من لواء كفير. هذه التصريحات، التي تأتي بعد أيام من تصعيد المقاومة لعملياتها النوعية، تُظهر عجز الاحتلال عن كبح تقدم المقاومة أو حماية جنوده حتى في المناطق التي يظنّ أنها تحت سيطرته.
الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، أكد أن الاحتلال يخفي حقيقة الخسائر وحالة جنوده المزرية، في محاولة يائسة للحفاظ على صورة جيشه أمام جمهوره. لكن المقاومة، من خلال عملياتها الدقيقة والمؤثرة، تنجح في فضح هشاشة منظومة الاحتلال، وتُعيد رسم معادلة الردع بدماء الشهداء وصبر المحاصرين.
غزة اليوم ليست مجرد جغرافيا تحت الحصار، بل أيقونة مقاومة تجابه الاحتلال بإرادة شعبها وبراعة مجاهديها. إن العمليات التي نفّذتها فصائل المقاومة، والتي تجاوزت حدود التخطيط التقليدي إلى الابتكار الميداني، تحمل رسالة واضحة: الأرض ملك أصحابها، والاحتلال زائل مهما طال أمده. بين دخان المعارك وصيحات التكبير، تتألق غزة كحصن منيع، يشهد العالم على شجاعتها، ويبقى التاريخ شاهداً على بطولات لا تنسى.