غزة تكتب ملحمة النار والصمود: المقاومة ترسم معادلة الردع بعمليات نوعية
في ملحمة صمود جديدة، تثبت غزة مرة أخرى أنها قلعة التحدي التي لا تنكسر، ومرجل الثورة الذي لا يخبو. على أرضها المتوهجة، حيث يمتزج الدم بالكرامة، ترسم المقاومة الفلسطينية فصولاً جديدة من معادلة الردع، في مواجهة أعتى قوة احتلالية. من قلب الحصار والدمار، تتفجر إرادة لا تعرف المستحيل، لتعيد صياغة قواعد الصراع بمشاهد ميدانية أذهلت العالم، وأكدت أن للحق درعاً وسيفاً، وأن المقاومة ليست خياراً، بل قدرٌ يليق بالأحرار.
في إطار معركة "طوفان الأقصى" التي انطلقت في السابع من أكتوبر 2023، تواصل المقاومة الفلسطينية تقديم دروس في التخطيط الميداني والتكتيك الحربي، مجسدةً معادلة الردع التي باتت تثقل كاهل الاحتلال الإسرائيلي. المشاهد التي كشفت عنها كتائب المقاومة مؤخراً تؤكد أن غزة ليست ساحة قتال عابرة، بل بوابة للصمود ومرجل للتحرير.
حيث أزاحت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الستار عن عمليات نوعية جسّدت قدراتها على إبداع كمائن غير مسبوقة. في حي الجنينة شرقي رفح، نصبت الكتائب شراكاً قاتلة لآليات الاحتلال، مستهدفةً جرافة عسكرية من طراز "D9” ودبابة "ميركافا" بقذائف "الياسين 105". المشاهد المصورة عكست براعة استخدام تكتيكات هجومية مركزة، حيث أظهرت الدقة العالية في توجيه الضربات، الأمر الذي أثمر عن تدمير ثلاث دبابات إضافية ضمن عمليات يوم الجمعة، في السادس من ديسمبر.
على جبهة أخرى، وثّقت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مواجهات مباشرة في قلب مخيم جباليا، شمالي القطاع. مشاهد الاشتباك بين مقاتليها وجنود الاحتلال أظهرت شجاعة استثنائية، حيث تقدم المجاهدون وسط أزيز الرصاص ووهج الانفجارات، مؤكدين أن المقاومة ليست مجرد حالة دفاعية بل هي إرادة شعبية متقدمة تُعيد صياغة قواعد الاشتباك.
في محور "نتساريم" جنوب مدينة غزة، أطلقت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، قذائف الهاون الثقيلة على مرابض مدفعية الاحتلال من طراز "هاوتزر". العمليات جاءت بالتنسيق مع قوات الشهيد عمر القاسم، في استعراض لوحدة الصف المقاوم وتكامل الأداء الميداني.
شمال القطاع، أظهرت كتائب شهداء الأقصى، التابعة لحركة فتح، مشاهد لقصف تجمع جنود الاحتلال في محيط نادي خدمات جباليا. باستخدام قذائف هاون عيار "60"، نجحت الكتائب في إرسال رسالة نارية تؤكد أن غزة بأكملها تتحول إلى بركان يزلزل أركان الاحتلال.
منذ اقتحام المقاومة المستوطنات المحيطة بغزة في بداية المعركة وأسرها جنوداً ومستوطنين إسرائيليين، دخلت القضية الفلسطينية منعطفاً استراتيجياً جديداً. الرد الإسرائيلي العنيف الذي استهدف القطاع، وخلّف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، لم يفلح في كسر إرادة المقاومة التي تُعيد إنتاج معادلات الصراع بروح لا تعرف الانكسار.
المشهد في غزة اليوم يُجسّد معركة غير متكافئة في الإمكانات العسكرية، لكن المقاومة حولت التحديات إلى فرص، حيث أصبحت كل عملية بمثابة خطوة جديدة في مسار طويل نحو التحرير. غزة تثبت مرة أخرى أنها عصية على الكسر، حيث يقف شعبها ومقاومتها كدرع حصين أمام أعتى قوة احتلالية في العصر الحديث.