العدوان الإسرائيلي على سوريا: بيان حزب الله بين الإدانة والرفض الدولي
في وقتٍ تتشابك فيه خيوط المعركة وتتعقد مشاهد الحرب، يظهر العدوان الإسرائيلي المتجدد على الأراضي السورية كحلقة إضافية في سلسلة من الأطماع التي لا تنتهي، الكيان الاسرائيلي الذي يسعى جاهدا لتوسيع نفوذه يجد في سوريا ساحة مثالية لتنفيذ مخططاته الاستعمارية، في هذا السياق، خرج حزب الله ليعلن بصوتٍ عالٍ رفضه القاطع لهذه الاعتداءات، محملاً المجتمع الدولي مسؤولية التغاضي عن هذا العدوان.
في مشهد يعكس تعقيدات الصراع وتداخلاته، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، من احتلال مزيد من المناطق إلى استهداف البنية العسكرية للدولة السورية. هذا العدوان المتجدد، الذي وصفه حزب الله في بيان صادر عنه بـ"الخطر الداهم"، يكشف عن أبعاد استراتيجية تتجاوز مجرد الاعتداء العسكري، لتصل إلى محاولة إعادة رسم موازين القوى في المنطقة، في ظل صمت عربي ودولي يُعزِّز من تغوّل الاحتلال.
سوريا التي لطالما كانت بموقعها الجيوسياسي الحساس، هدفاً استراتيجياً للأطماع الإسرائيلية والتي لم تكتفِ تل أبيب باحتلال الجولان منذ عام 1967، بل سعت، عبر سلسلة متواصلة من الاعتداءات، إلى فرض أمر واقع جديد يُكرّس سيطرتها على أراضٍ إضافية. استهداف القدرات الدفاعية السورية، بما فيها المنشآت العسكرية ومراكز البحوث، يعكس مسعى إسرائيلياً واضحاً لإضعاف قدرة الدولة السورية على مواجهة التحديات الأمنية، في وقت هي بأمسّ الحاجة فيه إلى إعادة ترتيب أولوياتها الداخلية بعد سنوات من الحرب المدمرة.
البيان الصادر عن حزب الله لم يكن مجرد إدانة سياسية اعتيادية، بل جاء محمّلاً برسائل واضحة تُحمِّل المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية مسؤولية هذا العدوان. الصمت المطبق أمام الاعتداءات المتكررة، المدعومة بدعم أمريكي غير محدود، يُترجم على الأرض إلى تمادي إسرائيل في استباحة سيادة الدول المجاورة، وتوسعها في خرق القوانين الدولية دون أي رادع.
الصمت العربي، في ظل حالة التشرذم والتطبيع مع الاحتلال، أتاح لتل أبيب المضي قُدماً في مخططاتها، دون أن تخشى أي رد فعل جماعي رادع. حزب الله أشار بوضوح في بيانه إلى أن هذا الصمت، إلى جانب السياسات الدولية المنحازة، لا يعززان فقط من التمدد الإسرائيلي، بل يفتحان الباب أمام مشاريع أكثر خطورة، تستهدف القضية الفلسطينية وتعيد تشكيل ملامح المنطقة بما يخدم مصالح الاحتلال.
رسالة حزب الله حملت بعداً استراتيجياً يرتكز على وحدة مسارات المقاومة في وجه المشروع الإسرائيلي. العدوان على سوريا ليس منعزلاً عن الاعتداءات اليومية على لبنان وغزة والضفة الغربية، بل هو جزء من مشروع استعماري متكامل يسعى إلى إعادة هندسة المنطقة جغرافياً وسياسياً بما يضمن استمرار الهيمنة الإسرائيلية.
حزب الله، في هذا السياق، أكد وقوفه إلى جانب سوريا وشعبها، ليس فقط باعتباره التزاماً أخلاقياً، بل كجزء من رؤية أشمل ترى في مواجهة العدوان الإسرائيلي مهمة جماعية تتطلب استنهاض كل الإمكانات والقدرات لمنع الاحتلال من تحقيق أهدافه.
العدوان الإسرائيلي على سوريا يُمثّل اختباراً حقيقياً للإرادة العربية والإسلامية في مواجهة مشروع الاحتلال. وبينما تُعزّز إسرائيل مكاسبها تحت غطاء التواطؤ الدولي، يبقى التحدي الأكبر في قدرة شعوب المنطقة وقواها الحيّة على توحيد الصفوف وفرض معادلات جديدة تُعيد الاعتبار إلى حقوقها التاريخية.
سوريا، التي واجهت سنوات من الحرب والتدخلات الخارجية، تقف اليوم في قلب معركة جديدة، ليست فقط للدفاع عن سيادتها، بل لمنع المشروع الإسرائيلي من إعادة تشكيل المنطقة على أنقاض الحقوق العربية. وفي هذا السياق، يصبح الصمود السوري جزءاً لا يتجزأ من مسار المقاومة الشامل، الذي لا يعترف بالمساومات، ويرى في التصدي للعدوان واجباً تاريخياً ومصيرياً.