صمود لا يتوقف: 14 عملية مقاومة في الضفة الغربية تضع الاحتلال أمام تحديات جديدة
في وقت تشتد فيه آلة الحرب الإسرائيلية، يواصل الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية تقديم دروس في الصمود والمقاومة. فقد شهدت الساعات الاربعة وعشرين الأخيرة تنفيذ اربعة عشر عملية مقاومة متنوعة، تبرز مدى قدرة الفلسطينيين على تحويل الأرض إلى ساحة معركة مستمرة.
من الاشتباكات المسلحة إلى التفجيرات والهجمات على المستوطنين، تقدم عمليات المقاومة الفلسطينية نموذجًا حيًا على وحدة المقاومة التي لا تقتصر على السلاح فحسب، بل تشمل كل أشكال النضال الشعبي. تلك العمليات، التي تزامنت مع تصعيد الاحتلال، تؤكد أن الفلسطينيين في الضفة الغربية عازمون على استكمال معركة "طوفان الأقصى" بكل عزيمة وإصرار.
حيث تتواصل العمليات البطولية للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية ضمن معركة "طوفان الأقصى"، إذ شهدت الساعات الـ24 الماضية تنفيذ 14 عملية متنوعة تمثل حلقة جديدة في سلسلة التصعيد ضد الاحتلال الإسرائيلي. هذه العمليات، التي تراوحت بين اشتباكات مسلحة، تفجيرات عبوات ناسفة، ورمي الحجارة والزجاجات الحارقة، لم تكن مجرد ردود فعل فردية أو متفرقة، بل هي بمثابة تجسيد لمعادلة المقاومة المستمرة والذكية، حيث تعكس قدرة الشعب الفلسطيني على استثمار كافة أدوات المقاومة في ظل الظروف الراهنة.
ما يميز هذه العمليات هو تنوعها وتكاملها، إذ نجحت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية في إحداث حالة من الارتباك في صفوف الاحتلال عبر تكتيكات هجومية مبتكرة. ففي مخيمي بلاطة وعسكر، اندلعت اشتباكات عنيفة بين المقاومين وقوات الاحتلال، حيث نجح المقاومون في استهداف الآليات العسكرية بعبوات ناسفة، وهو تكتيك متقن يتسم بالذكاء الحربي، حيث تزرع هذه العبوات في طرق يعرف الاحتلال أنها حيوية، مما يعرقل تحركاته ويكبد قواته خسائر كبيرة. كما أن استهداف حاجز سالم العسكري في جنين هو تجسيد آخر لمعادلة المقاومة، حيث تم استخدام إطلاق النار بشكل دقيق لشل حركة الاحتلال وتوجيه رسالة قوية مفادها أن الفلسطينيين قادرون على التحكم في مسار المواجهة.
أما في الخليل، فكانت المواجهات مع المستوطنين رسالة أخرى من المقاومة التي تمثلت في تصدي الفلسطينيين للهجمات الاستيطانية التي تستهدف حياتهم اليومية. إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على المركبات الاستيطانية في بلدتي حلحول وبيت كاحل هو رد فعل لا يقتصر على العنف المادي، بل يمثل رمزًا لرفض الفلسطينيين للوجود الاستيطاني على أرضهم. هذه الأعمال ليست مجرد مواجهات عابرة، بل هي جزء من استراتيجية مقاومة مستدامة تهدف إلى تحصين الأراضي الفلسطينية من محاولات الاستيلاء والتهويد.
في جنين، خرجت المظاهرات الشعبية التي شكلت أداة أخرى من أدوات المقاومة الفعالة. إذ تزامن الحراك الشعبي مع العمليات العسكرية في الميدان، مما يعكس تكامل المقاومة المسلحة مع المقاومة الشعبية، وهو نموذج فريد يعكس الوحدة بين مختلف فئات الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال. الشوارع التي شهدت التظاهرات كانت مسرحًا لرفع شعارات تندد بالاحتلال وتؤكد تمسك الشعب الفلسطيني بحقه في الأرض والحرية، وهو ما يعكس حالة من النضج الثوري حيث لا تقتصر المقاومة على جبهة واحدة، بل تشمل كافة الأصعدة.
عمليات المقاومة التي حدثت في الضفة الغربية تشكل نقطة تحول في استراتيجيات المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي. ما يعزز من فاعليتها هو أن المقاومة الفلسطينية قد استطاعت تحطيم أسطورة التفوق العسكري الإسرائيلي من خلال تكتيكات مبتكرة تدمج بين المقاومة الشعبية والمسلحة. إضافة إلى ذلك، فإن الهجمات التي طالت المناطق الحساسة مثل الحواجز العسكرية وطرق إمداد الاحتلال تضع الاحتلال في موقف صعب، حيث تحرم قواته من القدرة على السيطرة على الأرض. وليس أدل على ذلك من تحركات المقاومة في مخيمات اللاجئين التي تمثل رموزًا للصمود الفلسطيني، حيث تواجه القوات الإسرائيلية صعوبات جمة في إتمام عمليات الاقتحام والسيطرة.
ما يميز هذه العمليات أيضًا هو القدرة على استدامتها في مختلف الجبهات، فالمقاومة الفلسطينية لا تقتصر على نقطة جغرافية واحدة، بل تشمل كافة المناطق. إن عمليات المقاومة التي تشهدها مدن الضفة الغربية لا تقتصر فقط على الدفاع عن الأرض، بل هي بمثابة رسالة إلى الاحتلال مفادها أن الشعب الفلسطيني لن يتراجع عن حقوقه مهما كانت التضحيات. المقاومون في الضفة الغربية أظهروا قدرة فائقة على تنفيذ عمليات متعددة ومتنوعة تضع الاحتلال أمام تحديات متجددة. إضافة إلى ذلك، فإن تكامل المقاومة الشعبية مع العمليات المسلحة يساهم في خلق حالة من الوعي الجماعي الذي يعزز تماسك الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
عمليات المقاومة الأخيرة في الضفة الغربية تعكس مرحلة جديدة من النضال الفلسطيني تتسم بالإبداع والابتكار في وسائل المقاومة، حيث تتكامل التكتيكات العسكرية مع الحركات الشعبية. هذه العمليات ليست مجرد رد فعل فوري، بل هي استراتيجية متكاملة تستهدف إضعاف الاحتلال على كافة الأصعدة. لقد أثبتت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية أنها قادرة على التحرك في كافة الاتجاهات، مما يعزز من فرضية أن الاحتلال، رغم قوته العسكرية، لا يمكنه فرض هيمنته على الأرض الفلسطينية إلا بتكلفة باهظة.