انتصار بحجم أمة.. المقاومة ترسم ملامح لبنان الجديد
هو انتصارٌ بحجم الكرامة والدماء التي روت الأرض، انتصارٌ يتجاوز حدود الميدان ليصبح علامة فارقة في تاريخ الأمة، في لحظة تاريخية مشحونة بالتضحيات والآمال، أكد امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم أن هذا الانتصار ليس فقط إنجازاً عسكرياً، بل هو وعد بمستقبل مشرق لوطن صمد بوجه أعتى القوى، ووضع معادلة جديدة تكرّس سيادة لبنان ووحدته أمام كل المؤامرات.
في لحظة مفصلية من تاريخ لبنان والمنطقة، جاءت كلمة الأمين العام لحزب الله، سماحة الشيخ نعيم قاسم، لتؤكد معالم انتصار جديد تتجاوز أبعاده الميدان العسكري، لتشمل البعدين السياسي والاجتماعي، وهو انتصار وصفه الشيخ قاسم بأنه "أكبر من انتصار تموز 2006".
هذه الكلمة لم تكن مجرد خطاب احتفالي؛ بل تضمنت رسائل استراتيجية وتحليلية شاملة، ترسم أفق مرحلة ما بعد العدوان الإسرائيلي الأخير.
الشيخ قاسم الذي وصف هذا الانتصار بأنه تحقق رغم شراسة العدوان، وطول مدته، والدعم الغربي غير المحدود للعدو الإسرائيلي حيث انه لم يكن مجرد صمود ميداني بل عملية شاملة تضمنت إفشال أهداف العدو بمنع إنهاء المقاومة أو إضعافها، رغم كل المخططات التي بدأت بالاغتيالات والتفجيرات واستهداف القيادات، وعلى رأسها الشهيد السيد حسن نصر الله وتثبيت السيادة الوطنية حيث أكد الشيخ قاسم أن المقاومة فرضت وقفًا للعدوان بشروطها، تحت سقف السيادة اللبنانية، ودون تقديم تنازلات سياسية كما و كسر إرادة الاحتلال حيث أظهرت المقاومة قدرتها على تحويل العدوان الإسرائيلي إلى هزيمة داخلية لإسرائيل، تمثلت في تهجير مئات الآلاف من المستوطنين، وتدمير آليات الجيش الإسرائيلي، وإرباك قياداته السياسية والعسكرية.
ما يميز هذا النصر هو ارتباطه بمعادلة إقليمية واسعة هذا ما أكده الشيخ قاسم أن المقاومة ليست وحدها، بل هي جزء من محور متكامل يمتد من لبنان إلى فلسطين، ومن اليمن إلى إيران، ومن العراق إلى سوريا.
جاءت كلمات الشكر للقوى الإقليمية التي دعمت المقاومة، لتظهر وحدة المصير بين هذه الدول والشعوب، وخاصة إيران التي وصفها الشيخ قاسم بالداعم الأساسي للمقاومة على كافة المستويات واليمن الذي استمر في دعم فلسطين ولبنان رغم أزماته الداخلية، بقيادة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي والعراق وسوريا اللذان كانا حاضنين للمقاومة على مختلف الأصعدة، مع تذكير خاص بالشهداء الذين شكلوا رموزًا لهذه المعادلة، مثل الشهيد قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس.
على المستوى الداخلي، حملت كلمة الشيخ قاسم دعوات واضحة للوحدة الوطنية والتعاون بين مختلف الأطراف السياسية. ومن أبرز ما ركز عليه التعاون مع الجيش اللبناني حيث شدد على أن التنسيق بين المقاومة والجيش سيكون عالي المستوى، بما يضمن تنفيذ الالتزامات الأمنية وحماية السيادة اللبنانية وإعادة الإعمار حيث وعد الشيخ قاسم بأن المقاومة ستسهم بشكل كبير في إعادة بناء ما دمره العدوان، بالتعاون مع الدولة وكل الجهات الراغبة في مساعدة لبنان.
لم تخلُ كلمة الشيخ قاسم من أبعاد إنسانية عميقة. أشار إلى مشاعر الناس العائدة إلى قراها، رافعة شارات النصر، ومؤكدة أن التضحية كانت فداءً لكرامة الأمة. هذا البعد الإنساني يعكس أن النصر لم يكن مجرد إنجاز عسكري، بل تحقيقًا لكرامة جماعية استعاد فيها الشعب اللبناني ثقته بنفسه وبقدرة المقاومة على حماية مستقبله.
جاءت الكلمة لتؤكد أن المقاومة لا تعتبر هذا النصر نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة تتطلب تعزيز الجهوزية و أن المقاومة ستكون دائمًا على أهبة الاستعداد للدفاع عن لبنان، بالتعاون مع الجيش وكل القوى الوطنية.
كلمة الشيخ نعيم قاسم جسدت أبعادًا متعددة لانتصار المقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي، حيث تجاوزت حدود لبنان لتصبح نصرًا لكل الأمة. هذا الانتصار يحمل في طياته رسالة واضحة أن محور المقاومة، رغم كل التحديات، قادر على كسر مشاريع الهيمنة الإسرائيلية والغربية، وإعادة رسم خرائط القوة في المنطقة إنه انتصار ليس فقط للمقاومة في لبنان، بل لكل من يؤمن بحق الشعوب في التحرر من الاحتلال والعدوان.