تصدّع الثقة بين جيش العدو والمستوطنين يهدد منظومة الاحتلال
تعيش منظومة الاحتلال الإسرائيلي مرحلة غير مسبوقة من التوتر الداخلي، مع تصاعد أزمة ثقة عميقة بين جيش الاحتلال والمستوطنين، مما يضع القيادة العسكرية والسياسية في مواجهة تحديات تهدد ركائز النظام بأكمله ومع تعنت القيادة السياسية وإصرارها على البقاء في المشهد تبدو إسرائيل أمام اختبار وجودي يهدد استقرارها الداخلي ومستقبل مشروعها الاحتلالي.
تشهد الأوساط الإسرائيلية تصاعد أزمة ثقة بين المستوطنين والمؤسسة العسكرية، في ظل انتقادات حادة للجيش واتهامات بفشل القيادة السياسية والعسكرية في إدارة التحديات الراهنة. تقارير إسرائيلية أكدت وجود خلافات جوهرية بين المستوى العسكري والسياسي، مطالبة الجيش بالنأي بنفسه عن السياسات الحزبية، وتحمل مسؤولياته تجاه الجمهور من خلال إعادة تقييم أدائه ومعالجة أوجه القصور.
تشير المعطيات إلى أنّ قيادة الجيش الإسرائيلي تواجه ضغوطاً متزايدة لإكمال تحقيقات أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، التي شكّلت نقطة تحول كبرى في الوضع الأمني الإسرائيلي. هذه التحقيقات يُنتظر أن تسفر عن خطة شاملة لإصلاح الأداء العسكري، وسط دعوات إلى استقالة عدد من القادة العسكريين البارزين بمجرد الانتهاء منها، كإجراء رمزي لتحمل المسؤولية واستعادة ثقة الجمهور.
تُجمع التقارير الإسرائيلية على أنّ القيادة العسكرية، وعلى رأسها رئيس الأركان، تواجه مطالب بمراجعة أدائها وإعادة هيكلة القيادة العليا، بما يشمل إقالة مسؤولين عسكريين بارزين في جنوب فلسطين المحتلة، الذين يُحمّلون مسؤولية مباشرة عن الإخفاقات المتكررة. وتؤكد المعطيات أنّ الجيش يُطالب بتقديم نموذج قيادي جديد يعكس تحمّل المسؤولية ويعيد بناء الثقة.
في المقابل، يبرز التوتر بين القيادة السياسية والعسكرية كعامل أساسي يعمّق هذه الأزمة. التمسك السياسي بالمناصب، رغم الفشل في إدارة التصعيدات الأمنية، أثار استياءً واسعاً في الداخل الإسرائيلي، حيث بات من الواضح أنّ هذا التعنت يعرقل أي جهود لإعادة الاستقرار. تقارير عدة أشارت إلى أنّ المستوى السياسي يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن الأزمات الأمنية المتفاقمة، نتيجة اتخاذ قرارات مبهمة وغير مدروسة.
الأزمة القائمة بين الجيش والمستوطنين ليست مجرد أزمة ثقة عابرة، بل تعكس فشلاً مركباً يمتد بين القيادة السياسية والعسكرية. ومع تفاقم التحديات الأمنية، تبدو إسرائيل أمام خيارين: إما اتخاذ قرارات جذرية لإعادة هيكلة القيادة وتحمل المسؤولية، أو مواجهة مزيد من الانهيارات التي قد تهدد استقرارها الداخلي على المدى الطويل.